للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرب فغلب الفارس الروم، فتفاءل بذلك مشركوا مكة وعيروا المسلمين بأنا كالفارس وأنتم كالروم، لما أنكم أهل كتاب مثلهم، والفارس مشركون، فكما ظهرت الفارس على الروم نغلب عليكم، فساء ذلك المؤمنين، فنزلت "ألم غلبت الروم في أدنى الأرض أي صاروا مغلوبين في الأرض القريبة من أرض العرب، وهم من بعد ما صاروا مغلوبين سيغلبون في أقل من عشرة سنين، فكان كذلك أنهم ظهروا على الفارس بعد ذلك (١)، والإضافة في غلبهم من إضافة المصدر إلى المفعول، وأما إذا قرأت على زنة المعروف (٢) فالمعنى أن الروم قد غلبت على فارس، وهم من


(١) أي بعد سبع سنين من الالتقاء الأول، وبذلك جزم صاحب الجلالين وغيره، قال صاحب الجمل: كانت هذه الواقعة (أي الالتقاء الأول) قبل الهجرة بخمس سنين على القول بأن الوقعة الثانية كانت في السنة الثانية من الهجرة يوم يدر، وقيل: إن الوقعة الثانية كانت عام الحديبية سنة ست، وعليه تكون الوقعة الأولى قبل الهجرة بسنة، انتهى. قلت: حديث الباب يؤيد الأول لكن أكثر المفسرين اختاروا القول الثاني، وذكروا الأول بلفظ قيل، حتى قال القنوى تحت قول البيضاوي: وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية: وكان ذلك في السنة السادسة أو السابعة من الهجرة في ذي القعدة، وفي رواية أنه يوم بدر وهو ضعيف، انتهى.
(٢) قال البيضاوي: قريء غلبت، ومعناه أن الروم غلبوا على ريف الشام، والمسلمون سيغلوبهم، وفي السنة التاسعة من نزوله غزاهم المسلمون، وفتحوا بعض بلادهم، وعلى هذا يكون إضافة الغلب إلى الفاعل، انتهى. واختلف شراح البيضاوي في المراد بالسنة التاسعة من نزولة، فقيل: المراد التاسعة من نزوله مرة ثانية ببدر، واختار الشهاب بأنه لا حاجة إليه بل المراد هي النزول الأولى، والمراد بالسنة التاسعة غزوة موتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>