للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد ما صاروا غالبين سيغلب عليهم المسلمون، والإضافة إذا على الفاعل، ويكون التعبير عن ظهورهم بلفظ الماضي، وإن لم يكن وقع بعد تفاؤلا وتعبيراً عن المتوقع بلفظ الواقع ليتيقن وقوعه حتى لا يتصور فيه التخلف كما في قوله تعالى {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} ومعنى (١) قوله فنزلت فقد كانت نزلت، والفاء هاهنا ليس لتعقيب القصة حتى يتعقب هذا ذاك، مع أن نزول الآية كان قبل ذلك بل المحض تأخير البيان.

قوله [كيف سمعت إلخ] ولعله وقع في شك من حفظه حين لم ير أحداً يوافقه على القراءة التي اختارها. وازدحم (٢) المنكرون عليه في ذلك فسأله عنه.


(١) هذا دفع إشكال يرد على الحديث على كلنا القراءتين، وهو أن ظاهر الحديث أنها نزلت بعد بدر، وتقدم الإجماع على أن السورة مكية، قال البيضاوي: سورة الروم مكية إلا قوله فسبحان الله الآية، قال الشهاب على البيضاوي: لم يستثن في الإتقان والتيسير شيئاً، قيل: وهو الأصح والاستثناء مبنى على قول الحسن، وهو خلاف مذهب الجمهور، وما أجاب به الشيخ أوجه مما حكاه الشهاب على البيضاوي، ونصه: التوفيق بين القراءتين أنها نزلت مرتين مرة بمكة غلبت بالضم، ومرة يوم بدر بالفتح، انتهى. وهذا التوجيه كان أوجه لكنه لم يوجه لما أن أهل الفن لم يذهبوا إلى تكرار النزول، ولذا تعقبه الشهاب بنفسه، لكن وجهه القنوى بأنه يحتمل أن يكون هذه الآية خاصة مكية ومدنية، ورجح هذا القول مجيباً عما أشكله الشهاب فارجع إليه لو شئت التفصيل وهذا المختصر لا يتحمل طول المباحث.
(٢) كما هو صريح مدلول قوله: وهؤلاء يريدوني إلخ، ولفظ البخاري قال: أشهد أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هكذا. وهؤلاء يردوني على أن أقرأ {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} والله لا أتابعهم، وحكى الحافظ لفظ مسلم: وإن هؤلاء يريدوني أن أزول عما أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقولون: اقرأ {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}.

<<  <  ج: ص:  >  >>