للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يكون المعنى استخراج (١) حكم هذه الواقعة من هذه الآية، لا أنها نزلت فيها حقيقة. فمعنى فيها أنزلت على هذا التقدير انطباق الآية عليها، أو المعنى فيها وفي أمثالها.

قوله [هي منسوخة نسختها قوله إلخ] أي أبطلت عمومها الذي يوهم (٢)


(١) وبذلك جزم جماعة من السلف، قال ابن تيمية: قولهم نزلت في كذا يراد به تارة سبب النزول، وتارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب، كما تقول: عني بهذه الآية كذا، وقد تنازع العلماء في قول الصحابي: نزلت في كذا، هل يجري مجرى المسند كما لو ذكر السبب= =الذي أنزلت لأجله، أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند، فالبخاري يدخله في المسند، وغيره لا يدخله فيه، وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره، بخلاف ما إذا ذكر سببًا نزلت عقبه، فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند، وقال الزركشي في البرهان: قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت في كذا فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها، كذا في الإتقان.
(٢) لعل الشيخ رحمه الله تعالى احتاج إلى لفظ يوهم لما أن ظاهر كلام قتادة لو حمل على العموم يدل على عدم تعيين القبلة في أول الزمان، بل يصلي من شاء إلى أي جهة شاء ولم يعرف زمان فيما مضى تكون القبلة فيها بهذا العموم فلذا أوله الشيخ بهذا الكلام، واختار هذا التوجيه لبقاء حكمه في بعض= =الصور كالمعذور ومن اشتبهت عليه القبلة، وحمل أهل التفسير قول قتادة على ظاهره فنسبوا إليه هذا، ففي البحر المحيط: قال الحسن وقتادة: أباح لهم في الابتداء أن يصلوا حيث شاءوا فنسخ ذلك، انتهى. والظاهر عندي أن من نسب إلى قتادة ذلك أخذه بقوله: إنها منسوخة، ولم يكن غرضه العموم. بل كان غرضه ما في الدر برواية ابن جرير وابن المنذر عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أخا لكم قد مات -يعني النجاشي- فصلوا عليه، قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم، فأنزل الله {وإنَّ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} الآية. قالوا: فإنه كان لا يصلي إلى القبلة، فأنزل الله {ولِلَّهِ المَشْرِقُ والْمَغْرِبُ} الآية، فالظاهر عندي أن غرض قتادة أنه كان في أول الإسلام من كان يصلي إلى غير القبلة لعدم العلم بالمسألة أو لعارض آخر كانت صلاته معتبرة، فتأمل فإني لم أجده في كلام أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>