للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [أفلا تنكحهن في المحيض] وجه بتوجيهين (١): أحدهما أنهم لم سمعوا طعن اليهود أرادوا أن يرخص لهم النبي صلى الله عليه وسلم في متاركتهن كمتاركة اليهود، ليكون أسلم من طعنهم، والثاني أنهم استأذنوا في المجامعة المنهية ليكون أنكى فيهم ولتتم المخالفة، والأول أوفق بترتب مجيئهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم على طعن اليهود، ومعنى أفلا تنكحهن على التوجيه الأول أفلا نخالطهن وأنترك مخالطتهن، كالذي يستأذن في ترك المخالطة يعني أنفعل يا رسول الله ترك المخالطة، كما يقول المسافر: أتنزلني عندك، وعلى الثاني فظاهر أن معنى النكاح هو الوطى.

قوله [فتمعز وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم] وجه الغضب (٢) في الأول ستيذان في موافقتهم مع ما أمروا بالمخالفة، وعلى الثاني استيذان ترك ما وجب عليهم لإتمام مخالفة اليهود.


(١) وبالأول جزم القاري إذ فسر ما في المشكاة برواية مسلم بلفظ: أفلا تجامعهن أي نساكنهن، والتقدير ألا نعتزلهن، فلا نجتمع معهن في الأكل والشرب والبيوت، يريد أن الموافقة للمؤالفة، وقيل: لخوف ترتب الضرر، انتهى. وبالثاني جزم الشيخ في البذل إذ فسر حديث أبي داؤد بلفظ: أفلا ننكحهن أي أفلا نطأهن في المحيض ليكمل المخالفة، ثم قال: ما فسره القاري والشيخ عبد الحق في اللمعات أفلا نجامعهن في البيوت يأبى عنه ما في أبي داؤد أفلا ننكحهن، ولعلهما لم يطلعا على هذا اللفظ فقالا ما قالا، انتهى.
(٢) ويفهم الغضب من التمعر كما ظنه الصحابة، وفي المجمع: تمعر وجهه أي تغير، وأصله قلة النضاره، وعدم إشراق اللون، أخذ من مكان أمعر، وهو الجدب الذي لا خصب فيه، انتهى. وقال المجد: معر وجهه غيره غيظًا فتمعر، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>