المقطعات فلو جرى هذا التأويل أيضًا لم يبق للمتشابه مصداق إلا أن يقال: قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وجْهُ اللَّهِ} مثلا هذا إذا أخذ للوجه معناه المعروف فالآية حينئذ من المتشابه، وإذا أخذ بمعنى علم الله وسطوته أو غيرهما من آثار علمه وقدرته فهو ليس بمتشابه، فعلى هذا يبقى مصداق للمتشابهات أيضًا، ولكن يخدشه أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز:{مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} وهذا التقسيم بظاهره ينفي أن يكون المتشابه هو المحكم بحيثية أخرى، وإن كان التفصى عن الخدشة يمكن بما نقول من أن الآية لا تدل إلا على أن المتشابهات هي مغائرة عن المحكمات، وأما كون تلك المتشابهات محكمات أيضًا باعتبار جهات أخرى فليس في الآية دلالة على نفيه، فكان حاصل التقسيم أن الكتاب بعضه محكم صرف، وبعضه محكم ومتشابه، ولكنه عبر عن هذا الأخير بلفظة المتشابه، لما أن المقصود منعهم عن الوقوع في الفتنة بابتغاء تأويله المعين الذي استأثر الله بعلمه، فنحن نقول في قوله تعالى:{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} وفي أمثاله من الآيات: إن الذي أراد الله سبحانه باليد حق، لكن لا تعلم كيفيته ولا مصداقه، ثم بعد هذا التسليم والإيمان بمراده تعالى به كائنًا ما كان نقول: إن اليد يمكن أن يكون معناها في الآية هي القوة، والآية بهذا المعنى لا تبقى من المتشابهات، فافهم فأنه عزيز.
قوله [فإذا رأيتيهم] بياء مزيدة. قوله [فاعرفوهم] أي فاعرفوهم لتحذروهم وتتقوهم، أو المعنى فاعرفوهم أنهم الذين سماهم الله في الآية.
قوله [إن لكل نبي ولاة إلخ] الولاية هاهنا هي الموافقة بينهما والمناسبة لمناسبة بين شرائعها، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم متمما ملة (١) إبراهيم حنيفًا وقائمًا عليها كانت ولايته به أظهر من أن يخفى.
(١) قال البيضاوي: لموافقتهم له في أكثر ما شرع لهم بالأصالة، انتهى.