للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [ما السبيل يا رسول الله] أي ما أراد الله بقوله في كتابه: {مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [الزاد والراحلة] والنص دال على أداء ما وجب عليه بالطريق الأولى (١) وإلا لم يتركه الغرماء أن يذهب دون أداء حقوقهم، ومن هاهنا قلنا: إن الحاج يجب عليه نفقة عياله (٢) إلى حين معاده، وإن لم يكن عنده قدر إيتائهم وأخذه (٣) معه لم يجب عليه، وكذلك لا يجب عليه الحج (٤) إن وجد مالا في أيام، ثم لما جاء موسم


(١) أي بطريق الأولوية ودلالة االنص.
(٢) ففي الدر المختار في شروط الحج: ملك زاد وراحلة فضلاً عما لابد منه، وعن نفقة عياله مما تلزمه نفقته لتقدم حق العبد، قال ابن عابدين: قوله لتقدم حق العبد أي على حق الشرع، لا تهاونا بحق الشرع، بل لحاجة العبد وعدم حاجة الشرع، ألا ترى أنه إذا اجتمعت الحقوق وفيها حق العبد يبدأ بحق العبد لما قلنا، ولأنه ما من شيء إلا ولله تعالى فيه حق، فلو قدم حق الشرع عند الاجتماع بطل حقوق العباد، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق، فالظاهر أنه أحق من جهة التعظيم لا من جهة التقديم، ولذا قلنا: لا يستقرض ليحج إلا إذا قدر على الوفاء، انتهى.
(٣) عطف على الإيتاء أي قدر أخذه إياهم معه، فالمفعول محذوف، والضمير المجرور للفاعل، والمعنى ليس عنده مقدار النفقة لهم لغيبته ولا مقدار نفقة سفرهم لو أخذهم معه، وعلى هذا المفعول إياهم، ويحتمل أن يكون المعنى ليس عنده مقدار النفقة بحيث يأخذ النفقة معه ويعطيهم أيضًا، وعلى هذا فمفعول الأخذ النفقة أي ليس عنده مجموع ما يأخذ لنفسه، ويعطيهم لغيبته.
(٤) ففي شرح اللباب: السابع من شرائط الوجوب الوقت، وهو أشهر الحج أو وقت خروج أهل بلده إن كانوا يخرجون قبلها، فلا يجب إلا على القادر فيها أو في وقت خروجهم، فإن ملك المال قبل الوقت أي قبل الأشهر أو قبل أن يتأهل أهل بلده فهو في سعة من صرف المال حيث شاء ولا حج عليه، أي وجوبًا لأنه لا يلزمه التأهب في الحال، وإن ملكه في الوقت فليس له صرفه إلى غير الحج، فلو صرفه لم يسقط الوجوب عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>