للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [وجلس وكان متكئاً] لما كان الصحابة كافة علموا قبح الشرك، وكذلك كل مسلم يعلم ما في الإشراك بالله من الضرر، وكذلك عقوق الوالدين كانت العرب بأسرها يستقبحه حتى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال (١): من الكبائر أن يشم الرجل أباه، تعجب منه الحضار وسألوه يا رسول الله، وهل يشم الرجل أباه؟ فكأنهم لم يروا ذلك واقعاً بين الناس وعدوه متعذراً، لم يحتج إلى اهتمام في المنع عنهما ولا إلى مزيد تأكيد فيهما، وأما قول الزور أو شهادة الزور فقد شاع وذاع وسهل أمره كل مطبع ومطاع.

قوله [ليته سكت] ترحما عليه صلى الله عليه وسلم (٢) وشفقة منهم بحالة، وقد أخذ النهي بمجامع قلوبهم، وتبينوا ما قصده النبي -صلى الله عليه وسلم- من شدة الاعتناء بتركه.

قوله [يمين صبر] هي (٣) ما توقف الحكم عليها من الصبر والحبس،


(١) فقد أخرج أبو داؤد بسنده إلى عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه، قال: يلعن أبا الرجل فيلعن أباه، ويلعن أمه فيلعن أمه، انتهى. وفي المشكاة برواية الشيخين عنه رفعه: من الكبائر شتم الرجل والديه، الحديث.
(٢) وهكذا جزم الحافظ كما تقدم في هامش مبدء أبواب البر والصلة، ومن الغرائب أن المصنف ذكر الحديث بهذا السند هناك فقال: هذا حديث حسن صحيح، ثم أعاده بهذا السند والمتن في أبواب الشهادة فقال: هذا حديث صحيح، ثم أعاده ما هنا فقال: حسن صحيح غريب، ومثل هذا كثير في كلام المصنف.
(٣) ذكر في الحاشية عن ألامات: يمين صبر بالإضافة، والصبر في الأصل الحبس واللزوم. وإنما سميت يمين صبر لتوقف الحكم عليها، وكونها لازمة لصاحبها من جهة الحكم، وقيل: يمين الصبر هي التي يكون الحالف فيها متعمداً للكذب قاصداً لإذهاب المال، انتهى. قال النووي: قيل لها مصورة وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور لأنه إنما صبر من أجلها، أي حبس، فوصفت بالصبر وأضيف إليه مجازاً، قال القاري توضيحه ما قاله ابن الملك أن يحبس السلطان الرجل حتى يحلف بها وهي لازمة لصاحبها من جهة الحكم، وعلى بمعنى الباء، والمراد المحلوف عليه تنزيلا للحلف منزلة الحلوف عليه، فعلى هذا قيل لها مصبورة مجازا، انتهى. وفي المجمع: يمين صبر بالإضافة، أي ألزم بها وحبس لها شرعاً ولو حلف بغير أحلاف لم يكن صبراً، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>