كان أدى إلينا، وأما لو حمل على أفي أتيت أهله أي أهل البديل السهمي يكون كذباً، لأنه (١) لم يأت أهله بل أهله هم الذين كانوا قد ادعوا عليه، ثم إنه لم يدفع إليهم
(١) ويمكن الجمع بأنهم أتوه أولا، ثم بعد التأثم أتاهم تميم وأخبرهم بنفسه كما هو ظاهر السياق، والروايات في هذه القصة مختلفة جداً، ذكر الترمذي منها الروايتين: أما الأولى فقال السيوطي في الدر: أخرج الترمذي وضعفه، وابن جرير وابن أبى حاتم والنحاس في ناسخة، وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة، من طريق أبى النضر وهو الكلبي عن بأذان مولى أم هانئ عن ابن عباس، ثم ذكر الرواية بلفظ الترمذي، ثم قال: وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر والنحاس والطبراني وأبو الشيخ وابن مردوية والبيهقي في سننه، عن ابن عباس ثم ذكر الرواية الثانية، وفيها زيادتان على لفظ الترمذي: الأولى فأحلفهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما كتمتماها ولا أطلعتما، والثانية في آخر الحديث: وإن الجام لصاحبهم وأخذ الجام، قلت: وهذه الرواية أخرجها البخاري في صحيحة وأبو داؤد في سننه بلفظ الترمذي، ثم ذكر السيوطي رواية ثالثة فقال: وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمه قال: كان تميم الداري وعدى بن بداء رجلين نصرانيين يتجران إلى مكة في الجاهلية ويطيلان الإقامة بها، فلما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- حولا متجرهما إلى المدينة، فخرج بديل بن أبي ماريه مولى عمرو بن العاص تاجراً حتى قدم المدينة، فخرجوا جميعاً تجاراً إلى الشام، حتى إذا كانوا ببعض الطريق أشتكى بديل فكتب وصيته بيده ثم دسها في متاعه وأوصى إليهما، فلما مات فتحا متاعه فأخذا منه شيئا ثم حجراه كما كان وقدما المدينة على أهله فدفعا متاعه، ففتح أهله متاعه فوجدوا كتابة وعهده وما خرج به وفقدوا شيئاً، فسألوهما عنه فقالوا: هذا الذي قبضنا له ودفع إلينا، فقالوا لهما: هذا كتابة بيده، قالوا: ما كنمنا له شيئاً، فترافعوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فنزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} إلى قوله {إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ} فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يستحلفوهما في دبر صلاة العصر: بالله الذي لا إله إلا هو ما قبضنا له غير هذا ولا كتمنا، فمكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم ظهر معهما على إناء من فضة منقوش مموه يذهب، فقال أهله: هذا من متاعه؟ قالا: نعم ولكنا اشترينا منه ونسينا أن نذكره حين حلفنا فكرهنا أن نكذب نفوسنا، فترافعوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فنزلت الآية الأخرى {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ} فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلين من أهل الميت أن يحلفا على ما كتما وغيبا ويستحقانه، ثم إن تميماً الداري أسلم وبايع النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان يقول: صدق الله ورسوله أنا أخذت الإناء، الحديث.