للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [بعث النبي -صلى الله عليه وسلم-] وجعله أمير الموسم، وأمره أيضا أن ينادي بهذه الكلمات، ثم أتبعه علياً للنداء فحسب سواء كان أصالة أو نيابة عن أبي بكر، وأيا ما كان فأبو بكر باق على كونه أمير موسم (١) من غير شك.

قوله [فقام على أيام التشريق] أي أيام التشريق (٢) أيضاً، لا أنه اقتصر على النداء فيها.

قوله (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر] فقيل: هي الأشهر الحرم (٣)، وقيل: بل من وقت النزول، وكان نزول الآية في شوال، وقيل: بل المراد رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ثم اعلم أن العهدة كان مع كل قبائل العرب ثم نكثوا فمن نكث منهم أمهل له الأربعة الأشهر المذكورة، ومن لم ينكث كان باقياً على عهده، وهو تمام العشرة.


(١) فقد حكى الحافظ عن الطحاوى في مشكلة أن أبا بكر كان الأمير في تلك الحجة بلا خلاف، وكان على هو المأمور بالتأذين بذلك، وكأن علياً لم يطق التأذين بذلك وحده، واحتاج إلى من يعينه على ذلك، فأرسل معه أبو بكر أبا هريرة وغيره ليساعدوه على ذلك، انتهى.
(٢) وبذلك يجمع بين مختلف ما روى في ذلك كما يظهر من كلام الشراح الحافظ وغيره أن علياً نادى بها من يوم التروية إلى آخر أيام التشريق في كل موضع اجتماع، ويستعين بأبي هريرة وغيره ممن عينهم أبو بكر أمير الموسم لذلك.
(٣) واختلف في المراد بالأشهر الحرم في قوله تعالى {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} على أقوال بسطها الرازي، وقال البيضاوي تحت قوله تعالى {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}: شوال، وذي القعدة، وذي الحجة، والمحرم، لأنها نزلت في شوال، وقيل: هي عشرون من ذي الحجة إلى عشر من ربيع الآخر، لأن التبليغ كان يوم النحر، انتهى مختصراً. ثم قال: فإذا انسلخ الأشهر الحرم التي أبيح للناكثين أن يسيحوا فيها، وقيل: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وهذا مخل بالنظم مخالف للإجماع، فأنه يقتضي بقاء حرمه الأشهر الحرم، إذ ليس فيما نزل بعد ما ينسخها، انتهى. وتقدم شيء من ذلك في أبواب الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>