للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} على التخيير، وغن لم يكن مفيداً في حقهم، حمل قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا} على أن معناه لا ينبغي لهم ذلك، فآثر الصلاة عليهم إما لأنه مختار في ذلك فيختار ما هو أفيد في حقه -صلى الله عليه وسلم-، ولا شك أن دعوته إن لم تكن نافعة للمنافقين فكانت مفيدة للمؤمنين، لأنه كان يدعو بألفاظ عامة شاملة كالدعاء المأثور في صلاة الجنازة الممول فينا، ولنفسه الشريفة (١) إذ قد كان يثاب عليها، وإما لأنه أراد أن لا يستغفر فيها، والنهي ليس إلا عن الاستغفار وأما عن الصلاة فلا.

قوله [هو مسجدي] ولقد بينا من قبل (٢) أنهما كانا قد اتفقا على كون المراد به مسجد قباء، ثم اختلفنا في أنه هل هو خاصة أم المسجد النبوي أيضاً، فأثبته أحدهما ونفاه الآخر، فبين النبي -صلى الله عليه وسلم- شموله لهما، وعلى هذا لا يلزم منافاة بين الآية والرواية.

قوله [فنزلت مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا إلخ] والآية دالة على أن


(١) عطف على قوله (للمؤمنين) يعني كانت مفيدة للمؤمنين لما تقدم، وكانت مفيدة لنفسه الشريفة لما أنه يثاب عليها. وقوله: (إما لأنه أراد) عطف على قوله (إما لأنه مختار) يعني آثر الصلاة لحملة (أو) على التخيير، أو لحملة النهي على الاستغفار خاصة لا الصلاة.
(٢) فقد تقدم في أبواب الصلاة (باب ما جاء في المسجد الذي أسس على التقوى) وذكر فيه المصنف حديث أنيس بن أبي يحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>