(٢) كما يدل عليه جل الروايات الواردة في ذلك، ففي الدر برواية جماعة من المخرجين عن أبى بن كعب أن آخر ما نزل من القرآن {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ} الآية، وعنه أيضاً أنهم جمعوا القرآن في مصحف في خلافه أبى بكر، فكان رجال يكتبون ويمل عليهم أبى بن كعب حتى انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة {انصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ} فظنوا أن هذا آخر ما نزل من القرآن، فقال أبى بن كعب: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أقر أني بعد هذا آيتين {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ} الحديث، وفي رواية: أتى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين، فقال عمر: من معك؟ فقال: لا أدرى والله، إلا أنى أشهد لسمعتها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووعيتها وحفظتها، فقال عمر: وأنا أشهد لسمعتها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الحديث. وفي أخرى: جاء خزيمة بهاتين الآيتين، وقال عثمان: أنا أشهد أنهما من عند الله، فهذه الروايات وغيرها صريحة في أنهم سمعوا من الجماعة، وعدم الوجدان كان في الكتابة أو في الشهادة على الكتابة، هذا وقد بسط الحافظ في أسماء حفاظ القرآن في باب القراء من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-.