للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يسأله عن شيء على سبيل العموم، فظن أن كسرة لوح السفينة ليس على مقتضى عليه الذي أو تيه خضر، وإنما صدر منه معصية، ومن هاهنا يستنبط فائدة مهمة، وهي أن كثيراً من الأفعال التي ظاهرها معصية لا تكون معصية نسبة إلى من ارتكبها، فلا يورد بكثير من أفعال الأنبياء عليهم نقص على عصمتهم، فإن ما يبدو لنا معصية ليس لهم كذلك.

قوله [وهذه أشد من الأولى] لما في الخطاب بفظة لك من مزيد التخصيص والاهتمام. قوله [يرحم الله موسى] توصيف له بتركه الاشتغال بما (١) لا يعينه


(١) ويشكل عليه ما يظهر من مظاهر اللفظ وداده -صلى الله عليه وسلم- صبر موسى ويؤيد كلام الشيخ أنه لو كان كذلك لأحضر الخضر بين يديه، ورأى منه العجائب، فأنه على قول الجمهور. لأنه إنكار لما علم من الشرائع، فإن الله تعالى أجرى سنته، وانفذ كلمته بأن أحكامه لا تعلم إلا بواسطة رسله، قال: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ} وأمر بطاعتهم في كل ما جاءوا، وقد حصل العلم اليقين وإجماع السلف على ذلك، فمن ادعى أن هناك طريقاً أخرى يعرف بها أمره ونهيه يستغنى بها عن رسول، فهو كافر يقتل ولا يستتاب، وهي دعوى تستلزم إثبات النبوة لنفسه خاصة، وقد بلغنا عن بعضهم أنه قال: أنا لا آخذ عن الموتى، وإنما آخذ عن الحي الذي لا يموت، وكذا قال آخر: أنا آخذ عن قلب من ربي، وكل ذلك كفر باتفاق أهل الشرائع، ونسأل الله الهداية والتوفيق، انتهى مختصراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>