للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [فإذا هي لم يبلغ إلخ] أي لما أخذت أمي تخفف (١) عني وتسليمي علمت أن الحديث لم يدهمها كما دهمني ولم تغتم منه كاغتمامي. قوله [واستعبرت] أي جرت دموعي (٢) حتى ارتفع بكائي فسمعه أبي

قوله [إلا رجعت إلى بيتك] استثناء من نفي مقدر، أي لا تفعلي شيئاً دون الرجوع، وذلك لئلا تثبت عليها الريبة في غيبتها عن بيت زوجها، فيقول كل قائل


(١) قال الحافظ: فيه من فطنة أمها وحسن تأنيها في تربيتها ما لا مزيد عليه، فأنها علمت أن ذلك يعظم عليها فهونت عليها الأمر بإعلامها بأنها لم تنفرد بذلك، لأن المرأ يتأسى بغيره فيما يقع له، وأدمجت في ذلك ما تطيب به خاطرها من أنها فائقة في الجمال والحظوة، وذلك مما يعجب المرأة أن نوصف به مع ما فيه من الإشارة إلى ما وقع من حمنة بنت جحش، وأن الحامل لها على ذلك كون عائشة ضرة أختها زينب بنت جحش، وعرف من هذا أن الاستثناء في قولها إلا اكثرن عليها متصل، لأنها لم تقصد وقصتها بعينها بل ذكرت شان الضرائر، وأما ضرائها هي فإنهن وإن كن لم يصدر منهن في حقها شتى مما يصدر من الضرائر لكن لم يعدم ذلك ممن هو منهن بسبيل كما وقع من حمنة، لأن ورع أختها منعها من القول في عائشة كما منع بقية أمهات المؤمنين، وإنما اختصت زينب بالذكر لأنها التي كانت لا تضاهي عائشة في المنزلة، انتهى.
(٢) قال الحافظ: وفي رواية هشام فاستعبرت فبكيت فسمع أبو بكر صوتي وهو فرق البيت يقرأ، فقال لأمي: ما شأنها؟ فقالت: بلغها الذي ذكر من شانها، ففاضت عيناه، فقال: أقسمت عليك يا بنية إلا رجعت إلى بيتك، وفي رواية معمر عند الطبراني: فقالت أمي: لم تكن علمت ما قيل لها، فأكبت تبكي ساعة، ثم قال: اسكتي يا بنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>