للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [حتى يبقى] وما بعد حتى داخل (١) في حكم ما قبلها، واختلفت الروايات (٢) في وقت النزول، والجمع أنه يبتدأ حين يذهب الثلث الأول ثم يزيد حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى الصبح. قوله [نشهدك ونشهد حملة عرشك إلخ] أي نسألك أن تشهدهم فإنهم لم يشهدوا ولم يحضروا، وفائدة شهادة هؤلاء -والله عالم- هو الاعتبار في أعين الحضار. قوله [في داري] أي في دار دنياي ودار عقباي، لا لأنه تثنية فإنه مفرد بل لأنه صادق عليهما.


(١) كما هو نص الروايات الواردة في الباب، منها ما تقدم عند المصنف في أبواب الصلاة من زيادة قوله: فلا يزال كذلك حتى يضيئ الفجر، ويؤيده أيضًا ما ورد في طريق هذا الحديث عند الجماعة لا سيما الشيخين من قوله: حين يبقى ثلث الليل الآخر، الحديث. فهو وقت النزول، وهذا كله على سياق النسخ الهندية، أما على المصرية بلفظ (حين يبقى) موضع (حتى يبقى) فالحديث موافق للروايات الأخر.
(٢) قال العيني: وقع في ذلك خمس روايات، ثم بسطها فقال: أصحها ما صححه الترمذي وقد اتفق عليها مالك بن أنس وغيره جماعة من الرواة عن ابن شهاب عن أبي سلمة وأبي عبد الله عن أبي هيرة بلفظ: حين يبقى ثلث الليل الآخر، والثانية ما رواه الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضًا بلفظ: حين يمضى ثلث الليل الأول. والثالثة: حين يبقى نصف الليل الآخر، والرابعة التقييد بالشطر أو الثلث الأخير، والخامسة التقييد بمضي نصف الليل أو ثلثه، انتهى. وما أفاده الشيخ من الجمع أوجه مما اختاره الشراح، قال العيني: اختلفت ظواهر رواياتهم، فقد صار بعض العلماء إلى الترجيح كالترمذي على ما ذكرنا، إلا أنه عبر بالأصح فلا يقتضى تضعيف غير تلك الرواية لما يقتضيه صيغة أفعل، وأما القاضي عياض فعبر في الترجيح بالصحيح فاقتضى ضعف الرواية الأخرى، ورده النووي بأن مسلمًا رواها في صحيحه بإسناد لا مطعن فيه عن صحابيين فكيف يضعفها؟ وغذا أمكن الجمع ولو على وجه فلا يصار إلى التضعيف. وقال النووي: يحتمل أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- أعلم بأحد الأمرين في وقت فأخبر بهن ثم بالآخر في وقت آخر فأعلم به. انتهى. ثم ذكر في البذل عن المرقاة: قال ابن حجر: ينزل أمره ورحمته، أو ملائكتهن وهذا تأويل الإمام مالك وغيره، ويدل له الحديث الصحيح: إن الله -عز وجل- يمهل شطر الليل، ثم يأمر مناديًا فيقول: هل من داع فيستجاب له، الحديث والتأويل الثاني -ونسب إلى مالك أيضًا- أنه على سبيل الاستعارة، ومعناه الإقبال على الداعي بالإجابة والطف والرحمة كما هو عادة الكرماء سيما الملوك، إلى آخر ما بسطه.

<<  <  ج: ص:  >  >>