للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أذاها، والثاني تعوذ من نفس حضورها فإنه لا يخلو عن ثفل (١) وأذى لخبث باطنها كالنار، فإنها تضر بحرارتها من جاورها وإن لم يعلم بوجودها عنده، وكذلك فإن للشياطين بحسب أفعالها الخبيثة لعنة وطردًا من حضرته تبارك وتعالى، وإنها موارد غضب فيجب التعوذ من حضورها لئلا يصيبه شيء من آثار عقوباتها.

قوله [من بلغ] أي سنا يسهل فيه حفظ الدعاء له، وكذلك المراد بمن لم يبلغ من ليس له ملكة الفهم وقوة الحفظ. قوله [أي شيء تمام النعمة] سأله (٢) عنه منعًا عن المسألة بما لا يعلم، وليكون على بصيرة عما يسأله فيرغب فيه، فيكون دعوته عن قلبه منتظرًا ظهوره. قوله [لم ينقلب ساعة إلخ] لآنه في حكم الذاكر فيستجاب له ما سأل ومتى سأل في إثناء ليله. قوله [السبأى] من غير أن تمد الباء (٣)، فقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ} [سبأ: ١٥].


(١) بالضم ما استقر تحت الشيء من كدرة، كذا في القاموس.
(٢) وقال القاري: (فقال) أي النبي -صلى الله عليه وسلم- سؤال امتحان: (أرجو بها خيرًا) أي مالًا كثيرًا، قال الطيبي: وجه مطابقة الجواب السؤال أن جواب الرجل من باب الكناية، أي أسأله دعوة مستجابة فيحصل مطلوبي منها، ولما صرح بقوله: خيرًا فكان غرضه المال الكثير كما في قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٠]، فرد -صلى الله عليه وسلم- بقوله: إن من تمام النعمة إلخ، وأشار إلى قوله تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: ١٨٥]، انتهى.
وتبعه ابن حجر، والأظهر أن الرجل حمل النعمة على النعم الدنيوية الزائلة وتمامها على مدعاه، فرده -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، ودله على أن لا نعمة إلا النعمة الباقية الأخروية، انتهى.
(٣) قال الحافظ في الإصابة: بفتح المهملة والموحدة وهمزة مكسورة مقصورة مختلف في صحبتهـ قال ابن السكن: له صحبة، وذكره البخاري في الصحابة وقال ابن حبان: من قال: إن له صحبة فقد وهم، انتهى. وكذا بسط الخلاف في صحبته في التهذيب، وفي التقريب: عمارة بن =شبيب بفتح المعجمة وموحدتين السبأى بفتح المهملة والموحدة وهمزة مقصورة، ويقال فيه يقال له صحبة، وقال ابن حبان: من زعم أن له صحبة فقد وهم، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>