للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [أرسلك أبو طلحة] لما علم النبي صلى الله عليه وسلم ذهاب أبي طلحة إلى بيته عالمًا بحاله عليه الصلاة والسلام عرف أنه طلبه في بيته (١)، وعلى هذا فمعنى بطعام لطعام، ولكنه لما علم بظهور معجزته (٢) ثم ناداهم أجمع، أو لأنه لما علم من حال أبي طلحة أنه لا يبخل بموجود ولا يتكلف بما ليس عنده طلبهم إلى بيته اعتمادًا على محبته له ولأصحابه، ولا يبعد أنه عرف إيتان أنس بما أرسل به إلا أنه أراد أن يكون بركة على أبي طلحة نزولهم في بيته فلذلك أخذهم معه، وعلى هذا الأخير لا إشكال في دعوة القوم إلى بيته، لأن الدعاء لم يكن إلى طعامه. وإنما كان دعاهم إلى ما أهداه أبو طلحة له، فصار ملكه (٣).


(١) وإليه مال الحافظ وقال: أكثر الروايات تقتضي أن أبا طلحة استدعى النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الواقعة في بيته، ثم ذكر الروايات الدالة على ذلك.
(٢) أي علم أن معجزته صلى الله عليه وسلم ستظهر في بيته، ويشير إلى ذلك ما ورد في الروايات من جوابه صلى الله عليه وسلم، ففي رواية عمرو بن عبد الله قال أبو طلحة: إنما هو قرص، فقال: إن الله سيبارك فيه، ونحوه في رواية عمرو بن يحيى المازني، وفي رواية يعقوب: فقال أبو طلحة: إنما أرسلت أنسا يدعوك وحدك ولم يكن عندنا ما يشبع من أرى، فقال: ادخل فإن الله سيبارك فيما عندك، ذكر هذه الروايات الحافظ.
(٣) يشكل عليه أن الهبة لا تتم إلا بالقبض ولم يتحقق بعد، فكيف صار ملكه، والجمهور على أن الموهوب يبقى في ملك الواهب قبله خلافًا لمالك، كما بسطه صاحب البدائع والحافظ في الفتح، ويمكن الجواب عنه أن الهبة لما تحققت من جانب الواهب ولم يبق عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القبض فهو على شرف الملك، والنبي صلى الله عليه وسلم أطعمهم بعد ما قبض فلم يكن الدعوة إلا إلى ملكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>