(٢) وقد وقعت هذه المعجزة عدة مرات، قال القاضي في شرح الشفاء: أما الأحاديث في هذا فكثيرة جدًا، وروى حديث نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة، منهم أنس وجابر وابن مسعود، ثم بسط الروايات في ذلك، وحكى عن الترمذي في الباب عن عمران حصين، ثم قال: ومثل هذا في مثل هذه المواطن الحفيلة والجموع الكثيرة لا تتطرق التهمة إلى المحدث به، لأنهم كانوا أسرع شيء إلى تكذيبه لما جبلت عليه نفوسهم من ذلك، ولأنهم كانوا ممن لا يسكت على باطل، فهؤلاء قد رووا هذا وأشاعوه ونسبوا حضور الجم الغفير له، ولم ينكر أحد من الناس عليهم ما حدثوا به عنهم أنهم فعلوه وشاهدوه، فصار كتصديق جميعهم له، انتهى. (٣) قال في الهداية: (ولا يجوز بما اعتصر من الشجر والثمر) لأنه ليس بماء مطلق، وأما الماء الذي يقطر من الكرم فيجوز التوضى به لأنه يخرج من غير علاج، ذكره في جوامع أبي يوسف، وفي الكتاب إشارة إليه حيث شرط الاعتصار، انتهى. وفي الدر المختار: ولا بعصير نبات، أي معتصر من شجر أو ثمر، لأنه مقيد، بخلاف ما يقطر من الكرم أو الفواكه بنفسه، فإنه يرفع الحدث، وقيل: لا، وهو الأظهر كما في الشر نبلالية عن البرهان، واعتمده القبستاني فقال: والاعتصار يعم الحقيقي والحكمي كماء الكرم، انتهى. قال ابن عابدين: قوله هو الأظهر هو المصرح به في كثير من الكتب، واقتصر عليه في الخانية والمحيط، وفي الحلية أنه الأوجه لكمال الامتزاج، وقال الرملي في حاشية المنهج: من راجع كتب المذهب وجد أكثرها على عدم الجواز، انتهى.