صنع ولم يخرج عن طبيعة الماء. قوله [تعدون الآيات عذابًا إلخ] يعني أنها كانت في عصره صلى الله عليه توجب زيادة في الإيمان مبشرات كانت أو منذرات، وأما فيكم فلا تفيد (١).
(١) الظاهر أنهم يعدون الآيات كلها تخويفًا، أنهم يعدون الآيات كلها تخويفًا مستدلين بالآية كما يظهر من كلام الحافظ إذ قال: الذي يظهر أنه أنكر عليهم عد جميع الخوارق تخويفًا، وإلا فليس جميع الخوارق بركة فإن التحقيق يقتضى عد بعضها بركة من الله كشبع الخلق الكثير من الطعام القليل، وبعضها تخويفًا من الله ككسوف الشمس والقمر، كما قال صلى الله عليه وسلم: إنهما آيتان من آيات الله يخوف بها عباده، وكأن القوم الذين خاطبهم عبد الله بن مسعود بذلك تمسكوا بظاهر قوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} ووقع عند الإسماعيلي من طريق الوليد بن القاسم عن إسرائيل في أول هذا الحديث: سمع عبد الله بن مسعود بخسف فقال: كنا أصحاب محمد نعد الآيات بركة، الحديث، انتهى. وقال القاري: قيل أراد ابن مسعود بذلك أن عامة الناس لا ينفع فيهم إلا الآيات التي نزلت بالعذاب والتخويف، وخاصتهم يعني الصحابة كان ينفع فيهم الآيات المقتضية للبركة، وحاصله أن طريق الخواص مبني على غلبة المحبة والرجاء، وسبيل العوام مبني على كثرة الخوف والعناء، والأظهر أن يقال: معناه كنا نعد خوارق العادات الواقعة من غير سابقة طلب مما يترتب عليها البركة آيات ومعجزات وأنتم تحصرون خوارق العادات على الآيات المقترحة التي يترتب عليها مخافة العقوبة، انتهى مختصرًا. والأوجه عندي في معناه: كنا أي الصحابة نهتم بإحصاء الآيات التي تظهر البركة، فإنه سبب لازدياد المحبة مع النبي صلى الله عليه وسلم وزيادة الرجاء مع الله عز اسمه، وأنتم أيها المخاطبون عمدة شغفهم الاهتمام بحصر آيات العذاب، والغرض التنبيه إلى ترك التوغل فإنه يؤثر شيئًا من اليأس لغلبة الخوف، فتأمل.