تلك الفائدة، فلم تبق إلا تخويفات وتهويلات، أو المعنى أن الأكثر فينا كانت مبشرات والأكثر فيكم منذرات. قوله [بعيد ما بين المنكبين] مكبرًا ومصغرًا (١)، والمعنى على الأول ظاهر، وعلى الثاني ما بين منكبيه صلى الله عليه وسلم بعد قليل.
قوله [لا بل مثل القمر] لما كان التشبيه في مجرد النورانية، ولم يكن الطول مقصودًا في وجه الشبه كما ليس التدوير البحت مقصودًا في تشبيه بالقمر رد تشبيهه بالسيف، لأن ضياء السيف ليست محبوبة تسر الناظرة وتضر الباصرة بخلاف
(١) وبذلك جزم القاري في المرقاة، لكنه تعقب في شرح الشمائل على قول عصام: ويروى مصغرًا، والظاهر الأول، وبهما معًا ضبطه المناوي وغيره، قال القاري: أراد ببعيد ما بينهما السعة إذ هي علامة النجابة، وقيل: بعد ما بينهما كناية عن سعة الصدر، وشرحه الدال على الجود والوقار، قال العسقلاني: المنكب مجمع عظم العضد والكتف، ومعناه عريض أعلى الظهر، انتهى. وهو مستلزم لعرض الصدر، ومن ثم وقع في حديث أبي هريرة عند ابن سعد: رجب الصدر كما في الفتح، وقال القاري: تصغير بعيد تصغير ترخيم = =كغلام وغليم، والأصل في تصغيرهما بعيد وغليم بتشديد الياء فيهما، وفي هذا التصغير إشارة إلى أن طول ما بين منكبيه الشريفين لم يكن متناهيًا إلى العرض المنافي للاعتدال، انتهى.