للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك وهماهما (١).

قوله [ورأيت أن لله على ركعتين] أي بحسب العمل دون الاعتقاد، وبذلك يظهر الفرق بين التزام المندوب من الطاعات وهو حسن، وبين إيجاب (٢) ما لم يجب وهو حرام وبدعة، فعليك بتأمل صادق.

قوله [إن الشيطان ليخاف منك إلخ] أي لما كان الشيطان يخاف منك فكيف لا تخاف هذه الجارية، ولا يحتاج إلى ما تكلفوه (٣) في توجيه ذلك.


(١) الضميران للمخدوم ومن له السراج، وهما هما من قبيل شعري شعري، وقيل: الضميران للنبي صلى الله عليه وسلم وبلال، وقيل: الصواب هم هم، والأوجه عندي الأولى، ولم يحتج إلى ضمير الجمع، لأن المخدوم يشمل الأمير أيضًا، وما أفاده الشيخ من توجيه السبق جزم بذلك عامة الشراح، قال الحافظ: ثبتت الفضيلة بذلك لبلال لأن رؤيا الأنبياء وحي، ولذلك جزم النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك، ومشيه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته في اليقظة، فاتفق مثله في المنام، ولا يلزم من ذلك دخول= =بلال الجنة قبل النبي صلى الله عليه وسلم لأنه في مقام التابع، وكأنه أشار صلى الله عليه وسلم إلى بقاء بلال على ما كان عليه في حياته واستمراره على قرب منزلته، انتهى.
(٢) ولذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من نذرت أن تحج ماشية، فقد أخرج أبو داود عن ابن عباس، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أختي نذرت يعني أن تحج ماشية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا، فلتحج راكبة ولتكفر يمينها، انتهى. وقد ورد في هذا المعنى الذي أفاده الشيخ روايات عديدة.
(٣) كما في الحاشية عن اللمعات: إذ أشكل في الحديث بأنه كيف قررها صلى الله عليه وسلم أولاً بل أمرها بذلك وسماها آخرًا شيطانًا، وقالوا في الجواب بأنها لما عدت انصرافه صلى الله عليه وسلم نعمة من الله موجبًا للسرور، وهو كذلك في نفس الأمر أمرها بوفاء النذر، وخرج من صفة اللهو إلى الحق، ومن الكراهة إلى الاستحباب، لكن ذلك كان يحصل بأدنى الضرب، فلما ازداد عاد إلى حد المكروه، وصادف ذلك مجيء عمر، فقال ما قال إشارة إلى منع الزيادة منه والإكثار، وبنحو ذلك قال القاري وغيره، وقال القاري أيضًا: قوله إن الشيطان ليخاف منك، يريد به تلك المرأة السوداء لأنها شيطان الإنس وتفعل فعل الشيطان، أو المراد شيطانها الذي يحملها على فعلها المكروه، وهو زيادة الضرب التي هي من جنس اللهو على ما حصل به إظهار الفرح، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>