للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأمر الله. قوله [جمع القرآن] أي (١) حفظه جميعًا، وليس فيه نفي لجمع غيرهم.


(١) وبهذا جزم الحافظ إذ قال: قوله جمع القرآن، أي استظهره حفظًا، ثم قال: وليس في هذا ما يعارض حديث عبد الله بن عمرو: استقرؤا القرآن من أربعة، فذكر اثنين من الأربعة ولم يذكر اثنين، لأنه إما أن يقال: لا يلزم من الأمر بأخذ القراءة عنهم أن يكونوا كلهم استظهروه جميعه، وإما أن لا يؤخذ بمفهوم حديث أنس، لأنه لا يلزم من قوله: جمعه أربعة أن لا يكون جمعه غيرهم، فلعله أراد أنه لم يقع جمعه لأربعة من قبيلة =واحدة إلا لهذه القبيلة وهي الأنصار، انتهى، قلت: والمراد بحديث عبد الله بن عمرو ما أخرج البخاري عنه وقد ذكر ابن مسعود عنده، فقال: ذاك رجل لا أزال أحبه بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: استقرؤا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود فبدأ به، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، لا أدري بدأ بأبي أو بمعاذ، وذكره في باب القراء بلفظ: خذوا القرآن من أربعة، الحديث. قال الحافظ: ولا يلزم من ذلك أن لا يكون أحد في ذلك الوقت شاركهم في حفظ القرآن، بل كان الذين يحفظون مثل الذين حفظوه وأزيد، منهم جماعة من الصحابة، وقد تقدم في غزوة موتة أن الذين قتلوا بها من الصحابة كان يقال لهم القراء وكانوا سبعين رجلاً، انتهى. ثم ذكر بعد ذلك أسماء جماعة من حفاظ الصحابة، وبعضهم أكمله بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال القاري في حديث الباب: أراد أنس بالأربعة أربعة من رهطه وهم الخزرجيون، إذ روى أن جمعًا من المهاجرين أيضًا جمعوا القرآن، وقال المازري: هذا الحديث مما تعلق به بعض الملاحدة في تواتر القرآن، وجوابه من وجهين: أحدهما أنه ليس في تصريح بأن غير الأربعة لم يجمعه، فيكون المراد الذين علمهم من الأنصار أربعة، والمراد نفي علمه لا نفي غيره، وقد روى مسلم حفظ جماعات من الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر منهم المازري خمسة عشر صحابيًا، وثبت في الصحيح أنه قتل يوم اليمامة سبعون ممن جمع القرآن، فهؤلاء الذين قتلوا من جامعيه، فكيف الظن بمن لم يقتل ممن حضرها وممن لم يحضرها، وثانيهما أنه لو ثبت أنه لم يجمع إلا أربعة لم يقدح في تواتره، إذ ليس من شرط التواتر أن ينقل جميعهم جميعه، بل إذا نقل كل جزء عدد التواتر صارت الجملة متواترة بلا شك، قال التوربشتي: المراد من الأربعة أربعة من رهط أنس وهم الخزرجيون، انتهى. وفي التلقيح: من جمع القرآن حفظًا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي ابن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد الأنصاري، وأبو الدرداء، وذكر فيهم عثمان وتمم الداري، وعبادة بن الصامت وأبو أيوب الأنصاري، انتهى. قلت: وزاد صاحب روضة المحتاجين على بعض المذكورين عليًا وزيد بن ثابت وخالدًا، وزاد العيني أبا بكر وعبد الله بن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>