للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلنا أن تخص منها غيره بالقياس أو بالرواية أو بالآية ولو سلم عموم قوله صلى الله عليه وسلم «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» عممنا القراءة عن الحقيقية والحكمية والمتقدي قارئ بقراءة إمامه فقد روى عن أبي هريرة (١) نفسه وهو راوي رواية قراءة الفاتحة ما يدل على ذلك حيث قال من كان له إمام فقراءة الإمام قراءة له، وعلى هذا يحمل ما ورد من الألفاظ المختلفة ففي بعضها فهي خداج غير تمام إلى ما سوى ذلك ومصداقه إذًا ما لا قراءة فيه لا حقيقة ولا حكمًا، ثم لما نهى الله تعالى أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرءوا خلف إمامهم تفرقوا فيه، فمنهم من انتهى عن ذلك مطلقًا كما دلت عليه رواية عبد الله (٢) بن مسعود رضي الله عنه، ومنهم من اجتهد فقال إن المنع إنما هو طلبًا للاستماع فلا علينا في أن نقرأ فاتحة الكتاب وقت سكتات الإمام وليس المراد بالقراءة ههنا قراءة السورة كما يظهر بالتتبع والتفحص والتعمق والتأمل في روايات هذه القصة فاستمر بذلك على قراءة للفاتحة خلف الإمام في سكتاته وبذلك يصح ما في الرواية الأخرى تهذ هذًا وإلا فأية حاجة كانت إلى الهذ لما كانوا يقرءون مع قراءة الإمام وكيف يمكن أن النبي صلى الله عليه وسلم أحس بقراءة من خلفه مع جهره بالقراءة وإخفائهم، إذ الواقعة كانت في الصبح فلا بد من التسليم لما قلنا من أنهم كانوا يقرءون ويهذبون باجتهاد منهم في سكتات الإمام، وذلك لما


(١) أخرج حديثه الدارقطني وقال تفرد به محمد بن عباد الرازي وهو ضعيف، قال صاحب التنسيق بعد تسليم جرح محمد بن عباد أن الضعاف يقوي بعضها بعضًا وههنا صحاح وضعاف فكيف لا يقوى بها الضعاف، انتهى، قلت: وهو مؤيد بالرواية الصحيحة عنه المرفوعة بلفظ وإذا قرأ فأنصتوا.
(٢) فقد أخرج الطحاوي والطبراني عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: كانوا يقرءون خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال خلطتم على القراءة، قال السيوطي في الدر: أخرج ابن أبي شيبة والطبراني وابن مردويه عن أبي وائل عن ابن مسعود أنه قال في القراءة خلف الإمام أنصت للقرآن كما أمرت فإن في الصلاة شغلاً وسيكفيك الإمام، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>