للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يتطرق اللبس والاختلاط في قراءتها ولا كذلك سائر السور والآيات فإنها ليست بتلك المنزلة فأفهم واغتنم، وأما ما قالوا من أن آية وإذا قرأ إلخ نزلت في الخطبة فغير مسلم لما أن سورة الأعراف مكية إلا آية {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ} والخطبة افترضت في المدينة، ولو سلم أنها فرضت في مكة فمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب بها إذ قد صرحوا بأن أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم (١) فلم يك خطبة حتى يتكلم (٢) فيها فيأمر الله تعالى بالسكوت والإنصات وما قال بعضهم من أن نزولها في الصلاة والخطبة جميعًا فحق لا يرتاب فيه وليس المعنى أن ورودها كان في هاتين الوقعتين بل المعنى أن حكمها عام للخطبة والصلاة كلتيهما وإن كان نزولها في الصلاة، لا غير (٣).

والحاصل أن المفهوم من هذا الحديث ليس (٤) إلا رخصة في قراءتها، ومن المعلوم أن الرخصة ترتفع بارتفاع ما هي مبنية عليها (٥) فكان سبب رخصتهم أنهم كانوا لا يخلطون قراءتهم بقراءة الإمام حتى يلزم المخالفة آية الإنصات فرخصوا فلما رأى الأصحاب رضي الله عنهم خلط العوام فيها نهوا (٦) عن ذلك لئلا يلزم


(١) بياض في الأصل بعد ذلك، والظاهر أن مراد الشيخ رحمه الله أن أول جمعة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني سالم بعد رحيله من قباء كما صرح به جمع من أهل السير، وفي الخميس كانت أول جمعة جمعها في الإسلام حين قدم المدينة وخطب يومئذ خطبة بليغة وهي أول خطبة في الإسلام ثم ذكر الخطبة.
(٢) فقد حكى السيوطي في الدر عن جمع من الصحابة وغيرهم أنها نزلت في القراءة في الصلاة.
(٣) يعني لم يكن قبل الهجرة وجود الخطبة حتى يتكلم فيها أحد فيؤمر بالسكوت.
(٤) وإلا فيجب شد الرحال إلى المساجد الثلاثة كما تقدم في كلام الشيخ.
(٥) أي كان مبني رخصتهم أولاً أنهم كانوا لا يخلطون.
(٦) هذا على سبيل التسليم أن المنع ليس مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما يدل عليه السياق أو المراد شدة النهي حتى تمنوا أن يدخل في فيه التراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>