قوله [كان إذا دخل المسجد صلى على محمد] وفي وضع العلم موضع ضمير المتكلم تفاؤل وإشارة إلى محموديته وهو مستحب للأمة لما أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي فتح أبواب الفضل والرحمة وأجرى هذه الرسوم للأمة، والصلاة رحمة خاصة كما يدل عليه العطف في قوله تعالى {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} فلا يجوز على غيره صلى الله عليه وسلم إلا تبعًا، وأما ما روى أنه صلى الله عليه وسلم صلى على غيره كقوله اللهم صل على آل أبي أو في فمن خصوصياته وهذا عند الفقهاء وترخص المحدثون فرخصوا لغيره أيضًا.
قوله [رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك] هذا إما أن يكون تخصيصًا بعده تعميم إذ المغفرة أخص من مطلق الرحمة أو يقال الأول إشارة إلى التخلية عن الرذائل، والثاني إلى التحلية بالفضائل، وقوله وقت الخروج أبواب فضلك إشارة إلى التوفيق بامتثال ما أمر الله تعالى به في قوله {وَابْتَغُوا (١) مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} من فضل الله حيث عقبه بذكر الصلاة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لما كانت من الدعاء منزلة الجناحين من الطائر فإن الطيران لا يتم إلا بهما ذكر الصلاة مع الدعاء في الوقتين ليكون أقرب إلى الإجابة ولأن الصلاة من أهم العبادات والخروج من المسجد إنما الغالب أن يشتغل بعده بالمعاملات وإن كان يثاب فيها ثواب العبادات والقربات إذا نوى بها خيرًا والنوعان بأسرهما إنما علم صلاحهما وفسادهما وطريق الفوز فيهما والتمكن من إتيانهما على الوجه الذي يرضى به الخالق والمخلوق جميعًا بتعليمه صلى الله عليه وسلم وحسن تربيته وتقنينه القوانين وترتيبه الشرائع فكان الدعاء في الأمرين معًا شكرًا له على ما اجتهد في ذلك وثناءًا عليه على بليغ سعيه ليكون أقر لقلبه صلى الله عليه وسلم.
قوله [فلقيت عبد الله بن الحسن] أي بعد ما كنت أخذت منه ذلك الحديث