إيتاء ما يناسب المسجد نسبته إلى دور تلك الدار الآخرة وكان السبب في رواية عثمان هذا الحديث أن أبا بكر وعمر لم يكونا تصرفا في المسجد النبوي إلا قليلاً من إصلاح ما وهن منه وكان عمر زاد فيه ولم يغيره عن هيئته التي كانت له في زمنه صلى الله عليه وسلم وأن عثمان جمع الحجارة وسائر ما يحتاج إليه في تشييده فأنكر عليه الصحابة صنيعه ذلك لما لم يسبق عليه فيه فاعتذر من ترك الشيخين إياه على حاله بأنهما لم يجدا ما يستعينان به على ذلك، وأما أنا فقد آتاني الله من المال ما أقدر به على ذلك وبين الحديث، وكان بناؤه المسجد من خالص ماله الذي آتاه الله لا من بيت مال الله الذي للمسلمين وذلك جائز لمن أراد، وموجب أجر إذا أصلح النية ما لم يجعل فيه ما يلهي عن الصلاة.
قوله [قد أدرك إلخ] قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وقد رأه واحد إلا في الأعمى فإنه ليس فيه إلا الإدراك دون الرؤية.
قوله [لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج] أما مسألة زيارة النساء القبور (١) فمذهب حنفاء الله فيه أن النهي الوارد في الزيارة كما
(١) وفي الدارالمختار و (لا بأس) بزيارة القبور ولو للنساء لحديث كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزورها، قال ابن عابدين قوله بزيارة القبور أي لا بأس بل تندب كما في البحر عن المجتبي فكان ينبغي التصريح به للأمر بها، وقوله ولو للنساء وقيل تحرم عليهن والأصح أن الرخصة ثابتة لهن وجزم في شرح المنية بالكراهة، وقال الخير الرملي إن كان ذلك لتجديد الحزن والبكاء والندب على ما جرت به عادتهن فلا تجوز وعليه حمل حديث لعن الله زائرات القبور وإن كان للاعتبار والترحم من غير بكاء والتبرك بزيارة قبور الصالحين فلا بأس إذا كن عجائزه ويكره إذا كن شواب كحضور الجماعة في المساجد وهو توفيق حسن، انتهى.