للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسخت (١) في حق الرجال نسخت في حق النساء أيضًا لأنهن تبع الرجال في الخطابات وأما قوله عليه السلام «لعن الله زائرات القبور» فكان في وقت النهي ولما رخصهم في الزيارة بقوله كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها رخص النساء أيضًا وسيجيئ بعض بيانه في بيان الأحاديث التي وردت في ذلك وهذا وإن كان هو الحق لكن لا ينبغي أن يشاع ويرخص لهن في الزيارة لما أحدثن في زماننا وقد كن يمنعن من الخروج في زمان النبي صلى الله عليه وسلم لا لأجل النهي عن زيارة القبور بل لمفاسد أخرى، وكذا في زمان الخلفاء الراشدين ومما يدل على حقية ما ذهبت إليه الأحناف زيارة عائشة (٢) أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر.

وأما الذين منعوها عن الزيارة فمبناهم أن قوله عليه السلام لعن الله زائرات القبور، خبر لا يتطرق إليه النسخ وزيارة عائشة فأما لكونها محرمة أو لكونها مرة والنهي إنما هو عن زيارة غير المحرم والزيارة (٣) فيها حتى يبلغ حد التكرار وأجاب بعضهم بأن ذلك كان اجتهادًا منها لا يتمشى الاستدلال بفعلها لكونه غير مستند إلى حجة ودليل، وأنت تعلم ما في تلك الوجوه من الخلل.

أما قولهم إنها كانت محترمة له فمن المعلوم أنها لم تكن محترمة لكل من دفن هناك ولم يكن قبر عبد الرحمن في موضع خال، وأما النهي عن التكرار دون أصل الزيارة ترجيح (٤) من غير مرجح أو رجوع إلى ما كنا ذهبنا إليه من أن نفس الزيارة ليس فيها شيء من الكراهة وإنما الكراهة عارضة لها من خارج فحيث وجدت الكراهة من خارج كرهت الزيارة وحيث لم توجد لم تكره فكانت


(١) هكذا في الأصل وحق العبارة التذكير فتأمل.
(٢) بل روى عنها قلت كيف أقول يا رسول الله قال قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين، الحديث في جمع الفوائد عن مسلم والنسائي.
(٣) كما يدل عليه صيغة المبالغة فيما ورد من قوله زوارات القبور.
(٤) لما ورد في بعضها من غير المبالغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>