للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذي اليدين الواردة في الباب على أنه لو تكلم أحد في صلاته (١) خطأ أو نسيانًا لم تفسد صلاته وأيضًا فإنهم احتجوا على مرامهم هذا (٢) بما ورد من أن ابن مسعود حين قدم من الحبشة سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فلم يرد عليه وقد ثبت أن قدومه كان بمكة فعلم أن الكلام إنما كان نسخه بمكة، وأثبت الأحناف في جوابه أن قدومه كان بالمدينة والحق أنه قدم مرتين أتى أولاً بمكة ثم لما رأى المشركين لا يألون عن الإيذاء ولا يقصرون عن الذي كانوا عليه قبل رجع إلى الحبشة ثانيًا ثم لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة مهاجرًا وشاع الخبر قدم ابن مسعود (٣) هناك فلا


(١) هذا مذهب الشافعية وفي الأوجز أن الأئمة الأربعة بعدما أجمعوا على أن من تكلم في صلاته عالمًا عامدًا وهو لا يريد إصلاحها إن صلاته فاسدة، كما نقل عليه الإجماع ابن المنذر وغيره اختلفوا في بعض أنواع الكلام واختلفت الروايات عن الإمام أحمد كثيرًا والتي استقرت عليها الروايات عنه أن الكلام يفسد الصلاة مطلقًا وهو قول الحنفية قولاً واحدًا، وقالت الشافعية يبطلها الكلام العمد ولو لمصلحة الصلاة مع العلم بتحريمه وإنه في صلاة فلا تبطل بقليل الكلام ناسيًا للصلاة أو سبق إليه لسانه وجهل تحريمه فيها. وقالت المالكية في الراجح من مذهبهم أن قليل الكلام لإصلاح الصلاة لا يفسد وإن كان عمدًا وقال سحنون: ما في قصة ذي اليدين وقع على غير القياس فيقتصر به على مورد النص، انتهى ما في الأوجز مختصرًا.
(٢) رواه الشيخان وغيرهما ولفظ البخاري كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا وقال إن في الصلاة شغلاً وحقق الحافظ في الفتح أن رجوعه كان مرتين.
(٣) قال النيموي: أما ما زعمه ابن حبان من أن تحريم الكلام كان بمكة فهو باطل قد رده غير واحد من أهل العلم، وأما ما قال ابن مسعود أن ذلك وقع لما رجعنا من عند النجاشي فإنما أراد به الرجوع الثاني من أرض الحبشة إلى المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى برد وإليه ذهب الحافظ ابن حجر في الفتح، وأما ما زعمه البيهقي من خلافه فقد رده العلامة ابن التركماني في الجوهر النفي، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>