للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمير (١) على ذلك إذ لو لم يرد ذلك لما صحت الجمعة في شيء من الأمصار في وقتنا هذا إذ لا يجري الحدود أحد، وقيل ما فيه أربعة (٢) آلاف رجال إلى غير ذلك، وليس هذا كله تحديدًا له بل إشارة إلى تعيينه وتقريب له إلى الأذهان وحاصله إدارة الأمر على رأي أهل كل زمان في عدهم المعمورة مصرًا فما هو مصر في عرفهم جازت الجمعة فيه وما ليس بمصر لم يجز فيه إلا أن يكون فناء المصر، وأما اشتراط الإمام فمن اتفق جماعة المسلمين على إمامته فهو إمام ولا يحتاج إلى الخليفة أو نائبه عينًا إذ الوجه في اشتراطهما الاتفاق ورفع النزاع وهو حاصل، وأما ما قال أكثر من سلف (٣): المصر ما لا يسمع أكبر مساجدهم مسلميهم فالمراد إذا كان المسجد المذكور في المصر إذ مذهب قائل هذا القول إطلاق جمع منتهى الجموع على العشر أو أكثر منه مع أن هذا خلاف منه بالجمهور، وقائل هذا هو صدر الشريعة صاحب التوضيح فكان مراده بهذا التعريف هو المصر، فإن المساجد بتلك الكثرة إنما هي فيه وما شاع من تأدية الفرائض بنية احتياط الظهر في بلادنا فأمر


(١) ففي الدر المختار في تعريف المصر: كل موضع له أمير وقاض يقدر على إقامة الحدود، وقال ابن عابدين حاكيًا عن غيره: ليس المراد تنفيذ جميع الأحكام بالفعل إذ الجمعة أقيمت في عهد أظلم الناس وهو الحجاج وإنه ما كان ينفذ جميع الأحكام بل المراد والله أعلم اقتداره على ذلك، انتهى.
(٢) لم أجده في الكتب المعروفة عندي ولكنهم لما اختلفوا في تعريف المصر على أقوال كثيرة لا بعد في أن يكون هذا أيضًا قولاً لا سيما إذ حكى في جامع الرموز عن المضمرات قول ألف رجل أيضًا.
(٣) وفي الدر: المختار عليه فتوى أكثر الفقهاء، وقال ابن عابدين، وأيده صدر الشريعة بقوله لظهور التواني في أحكام الشرع سيما في إقامة الحدود في الأمصار، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>