للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكر لا ينبغي العمل عليه وأصل ذلك كان في زمان محمد فإن أبا يوسف (١) لما رأى حرجًا في حضور الناس للجمعة في مسجد واحد وكان لا يمكنهم ذلك إلا بعبور الفرات أو الدجلة التي كانت في وسط (٢) البغداد أفتى بتعدد الجمعة في مصر إذ حال بينهما نهر، وليس في ذلك رواية عن الإمام إذ كانت الجمعة في أيامهم واحدة ثم لما رأى محمد حضور رجال القرى العظيمة والأمصار في مسجد واحد متعذرًا أفتى بجواز التعدد في مصر مطلقًا وكان الفتوى على قول محمد ولكن الناس احتاطوا في ذلك فاستحدثوا احتياط الظهر وهذا الذي رده صاحب البحر وغيره فقالوا أفتينا مرارًا بمنع الناس عنه لكنهم لم يمتنعوا أو ليس لهؤلاء اكتفاء بما قال محمد وقد قلدوا قوله في كثير من المسائل، وليس معه أستاذه ولا صاحبه فهل ليس لهم في غير الجمعة احتاج احتياط وليت شعري إذا كانوا في شك من إفتائه بذلك فما بالهم لا يكتفون بالظهر فإن قالوا نحتاط بأداء الظهر قلنا كان عليهم أداء كل صلاة مرتين: مرة بالفاتحة خلف الإمام ومرة بدونها كيف وقد استحسنها بعض مشايخنا أيضًا ليخرجوا بذلك عن شبهة الخلاف، وكذلك يلزم عليهم ما ليس لهم بتأديته طاقة ولا لهم إليه احتياج ولا فاقة، أو ليس لهم للخروج عن شبهة الخلاف مخلص غير ذلك الذي أحدثوه فهل لا أحضرهم احتياطهم ذلك في المسجد الذي يصلي فيه أولاً، قوله [عن رجل من أهل قباء] لم يبق الحديث بذلك الانقطاع


(١) قال القارئ في شرح النقاية: ورابعها عن أبي يوسف أنه يجوز في موضعين إذا كان المصر كبيرًا أو حال بين الخطبتين نهر كبغداد، انتهى.
(٢) التي في وسط بغداد هي دجلة، قال الحموي في المعجم سميت مدينة السلام لأن دجلة يقال لها وادي السلام انتهى، وفي مقدمة الهداية دجلة بكسر الدال اسم لنهر بغداد، وفرات بضم الفاء نهر معروف بين الشام والعراق يخرج من جبل ببلاد الروم وهو من أنهار الجنة، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>