للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قابلاً للاحتجاج (١)، قوله [عن أبيه وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم] أي ذلك الأب ولا يضر عدم العلم باسم الصحابي أو حاله فإن الصحابة كلهم عدول ثقات ومهرة إثبات، قوله [أن تشهد الجمعة من قباء] لم يكن أمره إياهم بذلك للوجوب أو لوجوب الجمعة عليهم لما ورد في الروايات عن هؤلاء أنهم قالوا كنا نتناؤب إلى غير ذلك من الألفاظ، وأنى التناؤب في أداء ما يجب على أنفسهم بل كان أمرهم (٢) بذلك ليشهدوا جماعات المسلمين ويعلموا نوائبهم وما يذكر في الخطبة من المواعظ والأحكام ولذلك ترى الترمذي ترجم الباب بقوله ((باب ما جاء من كم يؤتى إلى الجمعة)) ولم يقل ((باب ما جاء من كم يجب أن يؤتى (٣) إلى الجمعة))، ولذلك اختلفوا في أقوالهم في تحديد ذلك فقال بعضهم الجمعة على من آواه الليل (٤) وقال بعضهم تجب الجمعة على من سمع النداء فقال (٥) بعضهم وهم


(١) وأيضًا ففي سنده ثوير بن أبي فاختة ضعيف جدًا حتى قال الثوري: كان ثوير من أركان الكذب، وقال الدارقطني وعلي بن الجنيد: متروك، وقال ابن حبان: كان يقلب الأسانيد حتى يجئ في روايته أشياء كأنها موضوعة، انتهى.
(٢) ويمكن أن يقال إن الحديث لو صح حجة لمن قال إن الفناء يمتد إلى ذلك المقدار وتوضيح ذلك أنهم اختلفوا في فناء المصر على تسعة أقوال لخصها ابن عابدين وهي غلوة، ميل، ميلان، ثلاثة، فرسخ، فرسخان، ثلاثة، سماع الصوت، سماع الأذان، ويأتي بيان بعضها في كلام الشيخ أيضًا فعلى القول بثلاثة فراسخ يكون حد الفناء إلى تسعة أميال، فإن الفرسخ ثلاثة أميال والقباء على ميلين من المدينة على ما ذكره الحموي في المعجم.
(٣) وهو الذي عبروه بفناء الشهر.
(٤) ففي الدرالمختار شرط لافتراضها إقامة بمصر. وأما المنفصل عنه فإن كان يسمع النداء تجب عليه عند محمد وبه يفتي كذا في الملتقى ورجح في البحر اعتبار عوده لبيتة بلا كلفة انتهى، قال ابن عابدين: هو ما استحسنه في البدائع وصحح في مواهب الرحمن قول أبي يوسف بوجوبها على من كان داخل حد الإقامة الذي من فارقه يصير مسافرًا وإذا وصل إليه يصير مقيمًا وعلله في شرحه المسمى بالبرهان بأن وجوبها مختص بأهل المصر والخارج عن هذا الحد ليس أهله.
(٥) قال ابن العربي: تعليق الشافعي السعي بسماع النداء يسقطه عمن كان بالمصر الكبير إذا لم يسمعه والمسألة محتملة انتهى، وحكى العراق في شرح الترمذي عن الشافعي ومالك وأحمد: أنهم يوجبون الجمعة على أهل المصر وإن لم يسمعوا النداء، وقد ادعى في البحر الإجماع على عدم اعتبار سماع النداء في موضعها، كذا في البذل.

<<  <  ج: ص:  >  >>