للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينهم وبين القبلة وخلفهم يمينهم ويسارهم، لكن بعض الألفاظ وهو لفظ الطائفة الأخرى، وجاء وانصرف خصص المواجهة بكونهم في غير جهة القبلة، فإنه لو كان العدو أمامهم لم يكن لتخصيص الطائفة بكونهم في مواجهة العدو وجه إذ الكل مواجه للعدو على هذا التقرير، إلا أن يقال: وجه تخصيصهم بذلك كونهم مقابلين للعدو وقت سجود الطائفة الأولى، وجاء وانصرف، إطلاقه محتمل لتقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم، فعلى هذا لا يكون تخصيص لجهة من الجهات الأربع في كون العدو فيها أو عدم كونه، وأيًا ما كان فمراد ذلك الحديث إلى قوله: فقام هؤلاء فقضوا ركعتهم موافق لما اختاره الأحناف وبسطوه في كتبهم، وأما هذا اللفظ فموافق لمرامهم على احتمال وغير موافق له على احتمال، فإن المفهوم من لفظ الحديث ليس إلا أن هؤلاء قضوا ركعتهم وهؤلاء ركعتهم، وهذا بعد ما سلم الإمام، وأما أن قضاء الطائفتين هل وقع في وقت واحد؟ أو الطائفة الأولى قضت صلاتها أولاً ثم الأخرى؟ فغير مبين ولا معين، فإن الواو لمطلق الجمع، ولا يفهم منه تقديم شيء ولا تأخيره، فإن كان معنى الحديث أنهم قضوا صلاتهم معًا لم يكن على وفق ما اختاروه، وإن كان المراد أن الطائفة الأولى قضت صلاتها أولاً، كان موافق (١) مرادهم، وإن كان المراد أن الطائفة الأخرى قضت صلاتها أولاً كان خلافًا أيضًا، مع أن الصورة الثانية مرجحة على الأولى والثالثة، إذ شرعية صلاة الخوف لطلب الطمأنينة حال


(١) وهو الأوجه، وإن كان ظاهر اللفظ يؤيد الأول، قال الحافظ لم تختلف الطرق عن ابن عمر في هذا، وظاهره أنهم أتموا في حالة واحدة، ويحتمل أنهم اتموا على التعاقب، وهو الراجح من حيث المعنى وإلا لزم ضياع الحراسة المطلوبة وإفراد الإمام وحده، ويرجحه ما رواه أبو داؤد عن ابن مسعود ففيه أداء كل من الطائفتين على التعاقب. انتهى، كذا في الأوجز.

<<  <  ج: ص:  >  >>