للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة، فإنهم لو اشتغلوا في الصلاة معًا كانت الطمأنينة معدومة، ولا كذلك إذا صلى طائفة مبهم والأخرى مواجهة العدو، فإنه على اطمئنان في صلاتهم ولا يحصل الاطمئنان إذ قضى كل من الطائفتين ركعتهم إذا قضاها الثانية. وأما الثالثة (١) ففيها فراغ اللاحق قبل فراغ السابق، ولا عهد (٢) لنا به في الشرع، ولا يلزم شيء من هذين فيما اخترناه من الصورة فإن القاضية ركعتها أولاً أولى الطائفتين التي كبرت التحريمة مع الإمام، والقاضية الثانية التي هي مسبوقة بركعة وفيها غير ذلك أيضًا من مراعاة (٣) الأمور التي هي ملائمة للصلاة، والتي هي غير ملائمة لها وجودًا وعدمًا.

قوله [وفي الباب عن جابر وحذيفة وزيد بن ثابت إلخ] ليس المراد تعين الصورة المذكورة أولاً، إنما المراد أن روايتهم في صلاة الخوف على أي صورة كانت ثابتة، قوله [ما أعلم في هذا الباب إلا حديثًا (٤) صحيحًا] يعني أن ما ورد فيه من الروايات فهو صحيح لا ضعف فيها، فأي وجه لترجيح صورة ما على باقي الصور لحال الإسناد، وأما نحن، فقد اخترنا الصورة السابقة لئلا يلزم شيء


(١) أي أما الصورة الثالثة، وهي أن الطائفة الأخرى قضت صلاتها أولاً.
(٢) ولا يوافقه اللفظ أيضًا بخلاف الصورة الأولى فإنه ممكن لظاهر اللفظ.
(٣) أي في الصورة الأولى توجد وجوه الترجيح غير ذلك أيضًا، وهي مراعاة أمور الصلاة.
(٤) قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله [أي الإمام أحمد] تقول بالأحاديث كلها أو تختار واحدًا منها، قال: أنا أقول من ذهب إليها كلها فحسن، وأما حديث سهل فأختاره، انتهى، ثم لا يذهب عليك أن ما حكى الإمام الترمذي من موافقة مالك الشافعي قول مرجوع للإمام مالك، والذي رجع إليه أن الإمام يسلم منفردًا ولا ينتظر فراغ الطائفة الثانية، نعم قال به الشافعية أن الإمام يثبت جالسًا حتى يفرغوا فيسلم بهم، كذا في الأوجز.

<<  <  ج: ص:  >  >>