للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وقوله إلا أن تطوع] مثل ما (١) ذكرنا فيما تقدم.

[قال كنا نتمنى أن يبتدئ الأعرابي العاقل] كان ذلك حين منعوا (٢) عن السؤال من غير حادثة نجمت أو واقعة وقعت، وكان السبب في ذلك مبالغتهم في السؤال عما لا يغنيهم وكان ذلك لما عليه النبي صلى الله عليه وسلم من حسن الخلق الذي لا يتصور عليه مزيد وكانوا بعد المنع يحبون أن يسأل أحد فيسمعوا عن النبي صلى الله عليه وسلم حكمه ولم يمنع الأعراب ومن أتى من بعد فإنهم كانوا مرخصين في المسألة ما شاؤوا مما وقع ولم يقع وذلك لما في الإتيان لمسألة مسألة من الحرج عليهم وقيده بالعاقل لأن من لا يعقل فلعله يفعل شيئًا يسوء به النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه ولأن غير العاقل ليس في سؤاله كثير فائدة لأنه لا يسأل إلا على قدر فهمه، وكان من جملة دلائل عقل هذا السائل أنه لم يعتمد في اعتقاديات مذهبه وأصول أعماله على خبر الواحد وأنه جيء بين يديه صلى الله عليه وسلم، وأنه ذكر في تحليفه الأول ما ذكر به المحلوف عظمة شأنه وجلال كبريائه حتى لا يقدم على الحلف الكاذب باسم الرب تبارك وتعالى الذي هو شأنه ثم لما أقر برسالته اقتصر على الحلف بالمرسل، ولم يحتج إلى ذكر خلق تلك المخلوقات العظام ثانيًا وإنه لما علم أن الرسالة لا يثبت أمرها إلا بشهادة ملك ولا يمكن رؤيته في صورته وإذا تصور بصورة بشر فمن أين الاعتماد على أنه ملك فاقتصر على التحليف لأنه لم يجد إلى الإشهاد سبيلاً ولقد علمت بذلك أن الاعتماد والحكم على الحلف واجب عند انتهاء البيئة وأنه وثب بعد سماع ذلك وتقريره ولم يلبث لئلا يقع لبث في تبليغ ما أرسله قومه لتصديقها ووكلوه من


(١) ينظر في أي محل تقدم فلم أره.
(٢) قال الحافظ في الفتح: وقع في رواية موسى بن إسماعيل بسنده عن أنس في أوله قال نهينا في القرآن أن نسأل النبي صلى الله عليه وسلم فكن يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع فجاء رجل الحديث، وكان أنسًا أشار إلى آية المائدة، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>