للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن تحرموا من دويرة أهلكم لكل واحد منهما، وأما أن هذين يكونان معًا فلا، فلا يفهم من القرآن أفضلية القرآن، والجواب أن مذهب على معلوم أنه كان يرجح القرآن كما ثبت من روايات الصحاح (١) فوجب حمل كلامه في تفسير الآية عليه فكان للقرآن ذكر في القرآن حسب تفسيره وفهمه كما أن للتمتع ذكرًا على ما فهمه مالك لا حقيقة لأن المراد في الآية ليس هو التمتع الاصطلاحي الذي اختاره مالك رحمه الله بل أعم منه ومن القرآن وهو الترفق بأداء النسكين في سفر سواء كان بدون تخلل التحلل بينهما أو به، ثم إنه وقع بين الرواة من الاختلاف في كون حجته عليه السلام إفرادًا أو قرآنًا أو كونه نوى العمرة ثم أدخل فيها الحجج إنما سبب ذلك ما خالف النبي صلى الله عليه وسلم في ألفاظ تلبيته فقال تارة لبيك بحجة فسمعها قوم وقال تارة لبيك بحجة وعمرة فسمعها قوم وقال مرة لبيك بعمرة وسمعها قوم، فقال كل منهم بكون حجته على حسب ما سمعها في تلبيته صلى الله عليه وسلم وإنما اخترنا رواية (٢) أنس على رواية من هو أوثق رواية لكونه أقدم وأكثر للنبي صلى الله عليه وسلم صحبته مع أن رواية النبي صلى الله عليه وسلم قال لبيك بحجة، ومن قال أنه قال لبيك بعمرة لا يضرنا فإنا لانقر أن للقانون أن يذكرهما معًا وإنما له أن ينوي الحجة قبل الفراغ عن أكثر


(١) فقد أخرج الشيخان وغيرهما عن سعيد بن المسيب قال اختلف علي وعثمان وهما يعسفان في المتعة فقال له على ما تريد أن تنهى عن أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عثمان دعنا عنك فلما رأى ذلك على أهل بهما جميعًا، قال صاحب التنقيح: ليس هذا الحديث لمن قال بالتمتع وإنما هو لمن قال بالقرآن فإن عليًا رضي الله عنه أهل بالحج والعمرة جميعًا قاله الزيلعي.
(٢) أخرجها الشيخان وغيرهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة يقول لبيك عمرة وحجة، قال ابن الجوزي في التحقيق مجيبًا عنه أن أنسًا رضي الله عنه كان حينئذٍ صبيًا فلعله لم يفهم الحال وغلطه صابح التنقيع فقال بل كان بالغًا بالإجماع بل كان له نحو من عشرين سنة قاله الزيلعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>