للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إزار لك مصرح على أن الكلام في المعجل، لأنه لو لم يكن كذلك فظاهر أنه لا يلزم إعطاء الإزار بالفعل وفيه أنه إذا تعلق بها حق المرأة ليس لها استعماله فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم جلست ولا إزار لك لا لأن الأداء إلى المرأة المهر يجب على الرجل بالفعل فليسأل، والجواب أنه لا يتعلق حق المرأة بها ما لم يؤتها الإزار أو يعينها لها فإن المهر واجب شرعًا على ذمته، وليس له مزيد اختصاص بإزاره حتى يكون حقها متعلقًا به فيمنع عن استعماله والتصرف فيه، قوله [فالتمس شيئًا] هذا أيضًا قرينة على كون الكلام في المهر المعجل.

قوله [التمس ولو خاتمًا من حديد] استدل الشافعي بذلك على جواز التختم بالحديد وعلى جواز المهر أقل من عشرة دراهم إذ لا يبلغ خاتم الحديد عشرة دراهم والجواب عن التختم فإن خاتم الحديد مكروه عندنا أن حرمته لشبه بعبدة الأصنام فلو ذهبه أو فضضه (١) جاز فجاز أن يكون موجودًا في البيوت ويجوز أن يستصنع إلا أن لبسه لا يجوز إلا بعد ذلك فلا يتمشى الاستدلال، قوله [هل معك من القرآن شيء] كأنه رغب المرأة أن تعفو عنه ما لها من المهر المعجل. وتقنع بما سيؤتيها إذا يسره الله له ثم ما قال، [زوجنكما بما معك من القرآن] فالباء فيه للسببية وليست للعوض والمقابلة إذ كيف يصح المقابلة بما معك والحال أن كونه معه ليس شيئًا يعوض به وتقدير المضاف خلاف الظاهر حتى يقال إنه قال زوجنكها لتعليم (٢) ما معك من القرآن ثم إنهم اختلفوا فيما بينهم على جواز


(١) صرح بذلك ابن عابدين فقال: لا بأس بأن يتخذ خاتم حديد قد لوى عليه فضه وألبس بفضة حتى لا يرى، تأثر خانية انتهى.
(٢) ولو سلم فهذا خاص بهذا الرجل كما جزم به الطحاوي والأبهري لما أخرجه سعيد بن منصور وابن السكن عن أبي النعمان الأزدي الصحابي قال زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة على سورة من القرآن، وقال لا يكون لأحد بعدك مهرًا، قاله أبو الطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>