للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذ الأجر على تعليم القرآن وعدم جوازه فجوزه الشافعية ومنعه الحنفية واحتج المانعون بقوله صلى الله عليه وسلم (١) اتخذ مؤذنًا لا يأخذ على الآذان أجرًا وبأنه طاعة فلا يصح أخذ الأجرة عليه أو واجب (٢) وهذا إذا كان محتاجًا إليه في صحة الصلاة ولا يصح الأجرة على ما وجب عليه عينًا وحجة المجوزين ما ورد من رواية في أن نفرًا من الصحابة نزلوا على قوم واستضافوهم فلم يضيفوهم فكان من أمرهم أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة حين لدغ سيدهم، وأنت تعلم ما في هذا الاستدلال من بون بعيد بين الأصل والفرع فإن الرقية بالفاتحة ليس داخلاً في شيء مما ذكر والقوم كانوا أهل فاقة، وأولئك لم يضيفوهم فكان لهم أن يأخذوا منهم كيف شاؤوا.


(١) وبقوله صلى الله عليه وسلم اقرأوا القرآن ولا تأكلوا به رواه أحمد وإسحاق وابن أبي شيبة من رواية عبد الرحمن بن شبل وأخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وغيرهما، ورواه الضحاك بسنده عن أبي هريرة أخرجه ابن عدي وضعفه وعن سليمان بن يريدة عن أبيه رفعه من قرأ القرآن يتأكل به جاء يوم القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم أخرج البيهقي هذا الحديث في شعب الإيمان، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال علمت ناسًا من أهل الصفة القرآن فأهدى إلى رجل منهم قومنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن أردت أن يطوقك الله طوقًا من نار فاقبلها، أخرجه أبو داود وابن ماجة وإسناده ضعيف، وأخرجه أبو داود والحاكم من وجه آخر أقوى وبمعناه أخرج ابن ماجة من حديث أبي بن كعب، وعن أبي الدرداء رفعه من أخذ قوسًا على تعليم القرآن قلد الله له قوسًا من نار أخرجه عثمان الدارمي كذا في الدراية، وبسط هذه الروايات وغيرها الزيلعي.
(٢) أي التعليم يكون واجبًا عليه بأن يكون المتعلم محتاجًا إليه في تصحيح الصلاة ولا يكون هناك معلم غيره، وهذا وإن كان داخلاً في الطاعة لكنه أفرده بالذكر لأن أخذ الأجرة مع وجوبه عليه أقبح.

<<  <  ج: ص:  >  >>