للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [وقد ذهب الشافعي إلى هذا الحديث] وأنت تعلم أنه لم يذهب إلى هذا الحديث بل إلى ما فهمه من ظاهر ألفاظه كيف ومقتضى الحديث أن لا يقدر التعليم، قوله [من ثنتى عشرة أوقية] من عادتهم ترك الكسر فلا ينافي رواية ثنتي عشرة ونصف، ودراهمه خمس مأة، قوله [أعتق صفية] وكانت (١) من بني هارون وكان أبوها وعمها عالمين، [وجعل عتقها (٢) صداقها] هذا مجرد تطييب لقلبها أو هو حكم على الظاهر إذ كان للنبي صلى الله عليه وسلم أن ينكح أي امرأة شاء من غير مهر فإنه لما لم يؤتها شيئًا وظن الراوي أن النكاح لا ينفك عن المهر فظن أنه أمهرها عتقها.

[والقول الأول أصح] لموافقته ظاهر الحديث، قلنا هذا يوافق باطنه، قوله [ثلاثة يعطون أجرهم مرتين] الظاهر أنهم يعطون أجرهم مرتين على مجموع الصنيع المذكور ههنا، وعلى هذا فقال بعضهم في تأديبه وعتقه ونكاحه أن الأجر على الإعتاق والتزويج والتأديب حق مستحق عليه وقال الآخرون كلامًا غير هذا أيضًا، والحق أنه يعطى على كل فعله أجرين، وذلك لأنه لا منة في الأجرين على الفعلين مع أن المقام يقتضي بيان الفضل ليرغب فيه، ولأن تكرار الأجر على تكرار


(١) وكانت من سبايا خيبر اصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٢) قال النوي: الصحيح في معناه أنه أعتقها تبرعًا بلا عوض، ولا شرط ثم تزوجها برضاها بلا صداق، وقيل شرط عليها عند عتقها أن يتزوجها فلزمها الوفاء وقيل أعتقها وتزوجها على قيمتها وهي مجهولة والكل من خصائصه صلى الله عليه وسلم وقال أحمد بظاهر الحديث وقال الجمهور لا يلزمها أن تتزوج به ولا يصح هذا الشرط وممن قاله مالك والشافعي وأبو حنيفة، قاله أبو الطيب: وعلم منه أن ما حكى الترمذي من مذهب الشافعي لا يصح، قال الحافظ: ومن المستغربات قول الترمذي وهو قول الشافعي وأحمد، وكذا نقل ابن حزم عن الشافعي والمعروف عند الشافعية أن ذلك لا يصح، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>