للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوصافها ثم حرمتها بعد ذلك ظنية لا غير، فلا يكفر جاحد حرمتها كما يكفر لو جحد حرمة الخمر.

قوله [لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا] اعلم أولاً أن عدم القبول لا يستلزم (١) عدم فراغ الذمة. وثانيًا أن المراد بالصباح هو اليوم تسمية للكل باسم الجزء لما أن بداية الصلوات كلها منه. وثالثًا أن الأربعين له صلوح المداخلة (٢) في تغير الآثار وأن الغذاء يبقى أثر ما منه إلى انقضاء أربعين يومًا. ومعنى قوله لم يتب الله عليه أنه بناء على ما هو الأكثر من عادته سبحانه وتعالى الجارية في عباده من أنه لا يوفقه بعد ذلك للتوبة وإن تاب فالتوبة مقبولة، ومعنى قوله في الرابعة فإن تاب إنما هو إرادته التوبة لا حقيقتها، وكذلك معنى قول صلى الله عليه وسلم في الرواية المتقدمة فمات وهو مدمنها لم يشربها في الآخرة إنما هو إذا استحلها لأنه إذا أدمنها فكثيرًا ما لا يبقى في قلبه حرمتها، أو النفي غير مؤبد أي لم يشربها إلى حين انقضاء أيام الجزاء الذي قدر له، أو المعنى لم يشربها في الآخرة لعدم اشتهاءه إياها بأمر الله تعالى سبحانه وقدرته وتصرفه تعالى على قلبه وشهوته، ولا يمكن أن يقال إنه تشديد وتغليظ وليس المراد مدلول لفظه لأنه يلزم عليه أن يكون كذبًا،

و


(١) كما تقدم مبسوطًا في أول الكتاب وتقدم أيضًا الإجماع على فراغ الذمة في حديث الباب.
(٢) لما ورد في الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق أن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك (أي أربعين يومًا) ثم يكون مضغة مثل ذلك، الحديث. وهذا الحديث، وأيضًا ميقات موسى أربعين ليلة وغير ذلك مما ورد في الباب مأخذ الصوفية في أربعيناتهم المشهورة المعلومة.

<<  <  ج: ص:  >  >>