للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - ومن هذا شرك عباد الشمس، وعباد النار، وغيرهم، فمن هؤلاء من يزعم أن معبوده هو الإله على الحقيقة، ومنهم من يزعم أنه أكبر الآلهة، ومنهم من يزعم أنه إله من جملة الآلهة، وأنه إذا خصه بعبادته, والتبتل إليه, والانقطاع إليه أقبل عليه واعتنى به، ومنهم من يزعم أن معبوده الأدنى يقربه إلى المعبود الذي هو فوقه، والفوقاني يقربه إلى من هو فوقه حتى تقربه تلك الآلهة إلى الله سبحانه وتعالى!! فتارة تكثر الآلهة والوسائط وتارة تقل (١).

فيستنتج مما سبق أن هذا القسم من الشرك ينقسم قسمين:

١ - نوع في توحيد الربوبية، ويكون من وجهين:

أ- بالتعطيل، وذلك:

إما بالإلحاد، كقول فرعون: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ [الشعراء: ٢٣]، ويدخل فيه الشيوعية, والاشتراكية, والقومية, وغيرها من الاتجاهات الهدامة التي تجددت.

وإما بتعطيل المصنوع عن صانعه: كالقول بقدم العالم.

وإما بتعطيل معاملة الصانع عما يجب على العبد من حقيقة التوحيد: كالقول بوحدة الوجود.

وإما تعطيل الصانع عن أفعاله: كمنكري إرسال الرسل، ومنكري القدر، ومنكري البعث والنشور، وغيرها.

ب- بالأنداد، وذلك:

إما بدعوى التصرف في الكون من الغير كمشركي قوم إبراهيم الصابئة، والمتصوفة القائلين بالغوث, والقطب, والأوتاد، والأبدال وتصرفهم كما يدعون.

وإما بإعطاء السلطة لأحد غير الله في التحليل والتحريم، كما كان في النصارى، وفي بعض حكام هذه الأمة، والقوانين الوضعية وغيرها.

وإما بدعوى التأثير في الكون من النجوم والهياكل، كالصابئة من قوم إبراهيم، أو الأولياء، أو التمائم والأحجبة.

٢ - نوع في توحيد الأسماء والصفات، وذلك من وجهين أيضاً:

أ- بالتعطيل: وذلك بتعطيل الصانع عن كماله المقدس: كالجهمية الغلاة، والقرامطة الذين أنكروا أسماء الله عز وجل وصفاته.

ب- بالأنداد:

١ - إثبات صفات الصانع للمخلوقين: وذلك؛ بالتمثيل في أسمائه أو صفاته، كالشرك في علم الباري المحيط، ويدخل في ذلك: التنجيم، والعرافة, والكهانة، وادعاء علم المغيبات لأحد غير الله، وكالشرك في قدرة الله الكاملة، وذلك بادعاء التصرف للغير في ملكوت الله، وخوف الضرر أو التماس النفع من الغير، أو بالاستغاثة من الغير، أو تسمية غيره غوثاً، أو بالسحر والتسحر وغيرها.

٢ - أو بإثبات صفات المخلوق للصانع جل وعلا: كاليهود المغضوب عليهم الذين شبهوا الله بصفات المخلوقين، وهكذا النصارى في قولهم بالنبوة والأبوة وما إلى ذلك من صفات المخلوقات لله جل وعلا، ويدخل في هذا النوع كل من شبه الله بخلقه ومثله بهم من هذه الأمة.

وكل هذه الأنواع السالفة الذكر يعتبر من الشرك الأكبر، وينقسم إلى كبير وأكبر، وليس شيء منه مغفوراً باتفاق العلماء (٢). الشرك في القديم والحديث لأبي بكر محمد زكريا– ١/ ١٤٢


(١) ابن القيم: ((الجواب الكافي)) (ص: ٣١٤١)، بتصرف يسير.
(٢) على ضوء ما ذكره ابن القيم في ((الجواب الكافي)) (ص: ٣٠٩ - ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>