للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القاعدة الثامنة: الامتناع عن مناظرة أهل السفسطة]

إذا وضح الحق وبان لم يبق للمعارضة العلمية ولا العملية محل، فإن الأمم كلهم متفقون على أن المناظرة إذا انتهت إلى مقدمات معروفة، بينة بنفسها، ضرورية، وجحدها الخصم كان سوفسطائياً؛ فلا ينبغي مناظرته بعد ذلك، قال تعالى: وَقُلِ الحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف: ٢٩] وقال تعالى: يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ ... [الأنفال: ٦] فكل من جادل في الحق بعد وضوحه وبيانه فقد غالط شرعاً وعقلاً (١). قال المزني رحمه الله: (وحق المناظرة أن يراد بها الله عز وجل، وأن يقبل منها ما يتبين) (٢).

ولهذا كان من الأسئلة ما ليس له جواب غير السكوت والانتهاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته)) (٣). فإن كل نظر لابد له من ضرورة يستند إليها، فإذا احتاجت الضرورة إلى استدلال ونظر، أدى ذلك إلى التسلسل وهو باطل.


(١) انظر: ((درء تعارض العقل والنقل)) (٧/ ١٧٤)، و ((القواعد الحسان)) للسعدي (ص: ١٥٨، ١٥٩).
(٢) ((جامع بيان العلم)) (٢/ ١٣٢).
(٣) رواه البخاري (٣٢٧٦)، ومسلم (١٣٤)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>