للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: صفة الصراط]

وردت في السنة أحاديث صحيحة في صفة الصراط, ووصفته وصفاً جلياً فينبغي على المسلم أن يعرف هذه الصفات ويستشعرها في فؤاده حتى ينجو من عذاب الجبار سبحانه وتعالى وذلك بالوقوف عند أوامره, واجتناب سخطه وغضبه، وهذه الصفات هي:

١ - الصراط زلق: وذلك من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: قلنا ما الجسر يا رسول الله قال: ((مدحضة مزلة)) (١) (٢).

قال أبو إسحاق الحربي: الجِسَر والجِسر: ما عبر عليه من قنطرة ونحوها.

(غريب الحديث لأبي إسحاق إبراهيم الحربي ١/ ٣ باب جسر).

وقال العيني: (مدحضة من دحضت رجله دحضاً زلقت، ودحضت الشمس عند كبد السماء: زالت، ودحضت حجته بطلت.

مزلة: من زلت الأقدام سقطت، وقال الكرماني: بكسر الزاي وفتحها (٣) , قال ابن الجوزي، دحض: زلق (٤)، وقال الفيومي: دحض الرجل: زلق (٥)).

٢ - وله جنبتان أو حافتان: كما في حديث أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يحمل الناس على الصراط يوم القيامة فتتقادع بهم جنبتا الصراط تقادع الفراش في النار)) (٦).

قال ابن الأثير في (النهاية) (٤/ ٢٤): (قوله: ((فتتقادع بهم جنبتا الصراط تقادع الفراش في النار)) أي تسقطهم فيها بعضهم فوق بعض. وتقادع القوم: إذا مات بعضهم إثر بعض). اهـ.

٣ - ولحافتي الصراط كلاليب: وذلك من حديث أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما عند مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به)) (٧)

ومن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((قلنا يا رسول الله ما الجسر؟ قال: مدخضة مزلة, عليه خطاطيف, وكلاليب, وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء تكون بنجد يقال لها السعدان)) (٨)

ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وبه كلاليب مثل شوك السعدان أما رأيتم شوك السعدان؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: فإنها مثل شوك السعدان، غير أن لا يعلم قدر عظمها إلا الله)) (٩).

قال العيني في (عمدة القاري) (٢٠/ ٣١٦): (كلاليب جمع كلوب بفتح الكاف وهو حديدة معطوفة الرأس يعلق عليها اللحم. وقيل: الكلوب الذي يتناول به الحداد الحديد من النار. كذا في كتاب ابن بطال). اهـ.

وقال أيضاً رحمه الله: (خطاطيف: جمع خطاف بالضم وهو الحديدة المعوجة كالكلوب يختطف بها الشيء.

وقوله: حسكة: بفتحات وهي شوكة صلبة معروفة وقال صاحب التهذيب. الحسك نبات له ثمر خشن يتعلق بأصواف الغنم, وربما اتخذ مثله من حديد وهو من آلات الحرب.

مفلطحة: أي عريضة.

عقيفاء: معوجة) (١٠).

وقوله شوك السعدان: قال الحافظ: (جمع سعدانة وهو نبات ذو شوك يضرب به المثل في طيب مرعاه قالوا: مرعى ولا كالسعدان. وقوله: أما رأيتم شوك السعدان: هو استفهام تقرير لاستحضار الصورة المذكورة) (١١).


(١) رواه البخاري (٧٤٣٩) واللفظ له، ومسلم (١٨٣).
(٢) ((فتح الباري)) (١٣/ ٤٢١).
(٣) ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني أبي محمد بن محمود بن أحمد العيني)) (٢٠/ ٣٢٠).
(٤) ((غريب الحديث لابن الجوزي)) (١/ ٣٢٦).
(٥) ((المصباح المنير)) (١٩٠).
(٦) رواه أحمد (٥/ ٤٣) (٢٠٤٥٧)، والطبراني في ((المعجم الصغير)) (٢/ ١٤٢) (٩٢٩)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (٨٣٧). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٣٦٢): رجاله رجال الصحيح، وقال السيوطي في ((البدور السافرة)) (٢٥١): إسناده صحيح.
(٧) رواه مسلم (١٩٥).
(٨) رواه البخاري (٧٤٣٩) واللفظ له، ومسلم (١٨٣).
(٩) رواه البخاري (٧٤٣٧)، ومسلم (١٨٢).
(١٠) ((عمدة القاري)) (٢٠/ ٣٢٠).
(١١) ((فتح الباري كتاب الرقاق)) (١١/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>