[المبحث الخامس: اعتقاد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل وأفضل]
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه وأن حكم غيره أحسن من حكمه كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر.
قال الشارح حفظه الله: من اعتقد أن هناك هدياً أحسن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم كأن يقول: الفلاسفة أو الصابئة أو الصوفية طريقتهم أحسن من طريقة محمد صلى الله عليه وسلم فهذه الطريقة فيها الهداية أو مماثلة لهداية النبي صلى الله عليه وسلم فهذا كافر؛ فإنه ليس هناك هدي أحسن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا ينطق عن الهوى إنما هو وحي يوحى فمن قال: إن هناك هدياً أحسن من هدي الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو مماثل له كأن يتدين أو يطلب الطريق إلى الله عن طريق الفلاسفة أو طريق الفلسفة أو الصبو (الصابئة) أو التصوف أو غير ذلك؛ فهذا كافر مرتد. وكذلك إذا اعتقد أن هناك حكماً أحسن من حكم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كأن يعتقد أن الحكم بالقوانين أحسن من الحكم بالشريعة فهذا مرتد بإجماع المسلمين. وكذلك إذا اعتقد أن الحكم بالقوانين مماثل لحكم الشريعة يكفر أيضاً.
وكذلك إذا اعتقد أن الحكم بالشريعة أحسن من الحكم بالقوانين, لكن يجوز الحكم بالقوانين كأن يقول: الإنسان مخير يجوز له أن يحكم بالقوانين, ويجوز له أن يحكم بالشريعة, لكن الشريعة أحسن فهذا يكفر بإجماع المسلمين فالإنسان ليس مخيرا, وهذا أنكر معلوماً من الدين بالضرورة؛ فالحكم بالشريعة هذا أمر واجب على كل أحدٍ وهذا يقول: إنه ليس بواجب وأنه يجوز للإنسان أن يحكم بالقوانين فهذا يكفر ولو قال: إن أحكام الشريعة أحسن.
فعلى هذا إذا حكم بالقوانين واعتقد أنها أحسن من حكم الشريعة كفر.
وإذا حكم بالقوانين واعتقد أنها مماثلة لحكم الشريعة كفر.
وإذا حكم بالقوانين واعتقد أن حكم الشريعة أحسن من الحكم بالقوانين لكن يجوز الحكم بالقوانين كفر أيضاً.
ففي الحالات الثلاث كلها يكفر.
وهناك حالة رابعة إذا حكم بالقوانين أو بالقانون في مسألة من المسائل أو في قضية من القضايا وهو يعتقد أن الحكم بالشريعة هو الواجب, وأنه لا يجوز الحكم بالقوانين, وأنه لا يجوز أن يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أنه ظالم وأنه مستحق للعقوبة لكن غلبته نفسه وهواه وشيطانه فحكم بغير ما أنزل الله لشخص حتى ينفع المحكوم له أو حتى يضر المحكوم عليه, فينفع المحكوم له؛ لأنه صديق له أو قريب له, أو جار له, أو يضر المحكوم عليه لأنه عدو له, وهو يعلم أن الحكم بما أنزل الله واجب وأنه مرتكب للمعصية هذا يكفر كفراً أصغر ولا يخرج من الملة.
فيكون الحكم بغير ما أنزل الله أربع حالات, ثلاث حالات يكفر فيها كفراً أكبر, والرابعة يكفر كفراً أصغر.
مسألة: حكم إزالة الشريعة كلها والحكم بالقوانين:
إذا كان سنّ القوانين كلها, وأزال الشريعة كلها رأساً على عقب هذا بدّل الدين, وهذا ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر لأنه بدّل دين الله, وهذا هو الذي أفتى به سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله مفتي الديار السعودية سابقاً قال: إن هذا بدّل الدين رأساً على عقب ليس في قضية من القضايا, إنما بدّل الأحكام كلها فأزال الشريعة كلها وأبدلها بالقوانين في كل صغيرة وكبيرة.
وذهب سماحة شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله إلى أنه أيضاً ولو بدّل الدين لا بد أن يعتقد أنه يجوز الحكم بالقوانين حتى تقوم عليه الحجة. إذاً هذه هي الحالة الخامسة وهي: إذا بدّل الدين. وهناك حالة سادسة وهي: أن الحاكم الشرعي إذا بذل وسعه, واستفرغ جهده في تعرّف الحكم الشرعي لكن أخطأ وحكم بغير ما أنزل الله خطأً فهذا ليس كافراً ولا عاصياً بل هو مجتهد له أجر واحد لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران, وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر)) (١) فهذا خطأه مغفور وله أجر على اجتهاده. وإذا بذل وسعه وأصاب الحق فله أجران أجر الاجتهاد وأجر الإصابة. تبصير الأنام بشرح نواقض الإسلام لعبد العزيز الراجحي ص ٣٥
(١) رواه البخاري (٧٣٥٢)، ومسلم (١٧١٦) بلفظ: (إذا حكم الحاكم). من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه.