المطلب الثاني: الصنف الثاني من الدهرية طائفة يقال لهم الدوريَّة
وهم منكرون للخالق أيضاً، ويعتقدون أنَّ في كل ستة وثلاثين ألف سنة يعود كل شيء إلى ما كان عليه. وزعموا أنَّ هذا قد تكرَّر مرات لا تتناهى فكابروا في المعقول وكذَّبوا المنقول، قبحهم الله تعالى. وهاتان الطائفتان يعمهم قوله عز وجل وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ [الجاثية:٢٤] ولهذا عن السلف الصالح فيها تفسيران: الأول معنى قولهم نَمُوتُ وَنَحْيَا أي يموت الآباء ويحيا الأبناء هكذا أبداً، وهو قول الطائفة الأولى. والمعنى الثاني أنَّهم عَنَوْا كونهم يموتون ويحيون هم أنفسهم ويتكرر ذلك منهم أبداً ولا حساب ولا جزاء، بل ولا موجد ولا معدم ولا محاسب ولا مجازي، وهذا قول الدورية. معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن أحمد الحكمي – ٢/ ٩٣٩