للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب السابع: شفاعة القرآن الكريم]

وكذلك فإن من مظاهر رحمة الله تعالى وكرمه على عباده أن جعل القرآن الكريم أيضاً من الشفعاء المقبول شفاعتهم، وليس ذلك فقط بل أيضاً يطلب المزيد من الإكرام لصاحبه.

وكيف لا يكون كذلك وهو كلام الله – تعالى وتقدس- وهو حبله المتين وصراطه المستقيم، أنزله على أفضل خلقه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, وجعل تلاوته ثواباً في الدنيا، لكل حرف حسنة وشفاعة في يوم القيامة، ولما كان القرآن الكريم كذلك فلابد لنا من إيضاح بعض النقاط الآتية:

١ - بيان الفضل العظيم الذي ورد في القرآن عموماً.

٢ - وبيان ما جاء في أفضلية بعض سور القرآن وكلها فاضلة.

٣ - وبيان ما ورد من نصوص كذلك تحث على قراءة القرآن والمواظبة على ذلك.

فقد قال صلى الله عليه وسلم – محرضاً على قراءة القرآن -: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة، طعمها طيب, وريحها طيب. والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها. ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر. ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمها مر ولا ريح لها)) (١).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا حسد إلا على اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالاً فهو يتصدق به آناء الليل وآناء النهار)) (٢).

وقد أخبر صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة عن فضل بعض الآيات والسور، مثل سورة البقرة (٣) , والكهف (٤) , والفتح, وقل هو الله أحد (٥) , والمعوذتين (٦)، وآية الكرسي (٧)، وغير ذلك مما لا نطيل بالاستدلال عليه.

فينبغي على كل مسلم أن يكثر من قراءة القرآن بتدبر وعناية، وأن يحتسب ذلك عند الله تعالى، ليأخذ جزاءه في يوم القيامة، وأن يحذر أن يتصف بأنه من الذين اتخذوه مهجوراً، وفيما يلي نعرض بعض النصوص التي يتعلق بها غرض البحث.

فمما ورد في شفاعة القرآن عموماً ما جاء عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اعملوا بالقرآن, وأحلوا حلاله, وحرموا حرامه, واقتدوا به, ولا تكفروا بشيء منه, وما تشابه عليكم منه فردوه إلى الله وإلى أولي العلم من بعدي, كيما يخبرونكم, وآمنوا بالتوراة, والإنجيل, والزبور, وما أوتي النبيون من ربهم, وليسعكم القرآن وما فيه من البيان, فإنه شافع مشفع, وماحل مصدق, ألا ولكل آية منه نور يوم القيامة, وإني أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول, وأعطيت طه وطواسين وحواميم من ألواح موسى, وأعطيت فاتحة الكتاب من تحت العرش)) (٨).


(١) رواه البخاري (٥٠٢٠). من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(٢) رواه البخاري (٥٠٢٥)، ومسلم (٨١٥). من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٣) رواه البخاري (٤٠٠٨)، ومسلم (٨٠٧). من حديث أبي مسعود رضي الله عنه.
(٤) رواه مسلم (٨٠٩). من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.
(٥) رواه البخاري (٦٦٤٣). من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(٦) رواه مسلم (٨١٤). من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه.
(٧) رواه البخاري (٢٣١١). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٨) رواه الطبراني (٢٠/ ٢٢٥) (٥٢٥) وأخرجه الحاكم (١/ ٧٥٧)، والبيهقي (١٠/ ٩) (١٩٤٩٠). قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الهيثمي (١/ ١٧٤): له إسنادان في أحدهما عبيد الله بن أبى حميد وقد أجمعوا على ضعفه، وفى الآخر عمران القطان ذكره ابن حبان في الثقات وضعفه الباقون.

<<  <  ج: ص:  >  >>