إذا تزاحمت المصالح بحيث لا يمكن القيام إلا ببعضها وتفويت ما سواها .. ففي هذه الحالة ينظر فيما كانت مصلحته أرجح فيقدم .. سواء كان التفاضل والرجحان في المرتبة، كتقديم الضروري على الحاجي والحاجي على التحسيني .. وكتقديم ما يتعلق بحفظ الدين من الضروري على غيره، وتقديم ما يتعلق بالنفس من الضروري على ما تعلق بحفظ ما دونه؛ أو كان التفاضل واقعاً في صورة الحكم كالواجب مع المستحب.
وهذه المسألة دقيقة جداً وكبيرة الأهمية، ذلك لسعة هذه الشريعة وشمولها، حتى أن شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- شبهها بالشرائع المتنوعة .. فالواجبات أكبر من الأوقات وأوسع .. فينبغي تقديم ما هو أهم وآكد في مثل هذه الحال وأبلغ في التأثير والنفع في مجالات الدعوة المختلفة.
ومن صور هذه المسألة .. ازدحام بعض مجالات الدعوة عند بعض المشتغلين بها، كمن لم يتمكن إلا من القيام بشيء محدود من ذلك .. فأيهما يقدم .. العناية بتربية النشء على الإسلام أو خوض المجالات العامة؟ ويجاب عن هذا بأن الجمع بين الأمرين هو الأصل وهو المطلوب، لكن من لم يتمكن إلا من واحد منهما فإنه ينظر في حاله وحال زمانه من حيث حال الدعوة وسيرها في هذين السبيلين وحاجتها إلى الأعوان في كل منهما .. فيرجح على هذا الأساس.
ومن صور هذه المسألة تزاحم الأوقات بين الاشتغال بطلب العلم أو بنوافل العبادات وبين القيام بالدعوة .. فالمطلوب التوفيق بين هذه الأمور ومصلحة الدعوة من أهم المصالح فلا ينبغي إهمالها بل يوليها بعض اهتمامه ووقته حسب قدرته. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لخالد بن عثمان السبت – ص: ٢٤١