للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الأول: الأنبياء والرسل جمّ غفير

اقتضت حكمة الله تعالى في الأمم قبل هذه الأمّة أن يرسل في كلّ منها نذيراً، ولم يرسل رسولاً للبشرية كلّها إلاّ محمداً صلى الله عليه وسلم، واقتضى عدله ألاّ يعذب أحداً من الخلق إلاّ بعد أن تقوم عليه الحجة: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء: ١٥] من هنا كثر الأنبياء والرسل في تاريخ البشرية كثرة هائلة، قال تعالى: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ [فاطر: ٢٤]. وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدّة الأنبياء والمرسلين، ((فعن أبي ذرّ قال: قلت: يا رسول الله، كم المرسلون؟ قال: ثلاثمائة وبضعة عشر جمّاً غفيراً وقال مرة: خمسة عشر)) (١) وفي رواية أبي أمامة ((قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله، كم وفاء عدة الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، الرُّسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جمّاً غفيراً)) (٢).

من الأنبياء والرسل من لم يقصصهم الله علينا:

وهذا العدد الكبير للأنبياء والرسل يدلنا على أنَّ الذين نعرف أسماءهم من الرسل والأنبياء قليل، وأنَّ هناك أعداداً كثيرة لا نعرفها، وقد صرّح القرآن بذلك في أكثر من موضع، قال تعالى: وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ [النساء: ١٦٤]، وقال: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ مِنْهُم مّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مّن لّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ [غافر: ٧٨].

فالذين أخبرنا الله بأسمائهم في كتابه أو أخبرنا بهم رسوله – صلى الله عليه وسلم – لا يجوز أنّ نكذّبَ بهم، ومع ذلك فنؤمن أنَّ لله رسلاً وأنبياء لا نعلمهم. الرسل والرسالات لعمر الأشقر - ص ١٧


(١) رواه أحمد (٥/ ١٧٨) (٢١٥٨٦)، والحاكم (٢/ ٦٥٢)، والبيهقي (٩/ ٤) (١٨١٦٦). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١/ ١٦٤): فيه المسعودي وهو ثقة ولكنه اختلط، وصححه أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (١/ ٣٠٩) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، والألباني في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٥٦٦٩).
(٢) رواه أحمد (٥/ ٢٦٥) (٢٢٣٤٢). من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. والحديث ضعفه ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (٢/ ١٤٠)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١/ ١٦٤): مداره على علي بن يزيد وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>