للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: تعريف الولاية والولي اصطلاحا]

وأما تعريف الولي في الاصطلاح: فقد عرفه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال:

(وقد قيل إن الولي سمي ولياً من موالاته للطاعات أي متابعته لها ويقابل الولي العدو على أساس من القرب والبعد) (١).

وقال الإمام الشوكاني في تفسيره:

(والمراد بأولياء الله خلقه المؤمنين كأنهم قربوا من الله سبحانه بطاعته واجتناب معصيته وقد فسر سبحانه هؤلاء الأولياء بقوله: الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ [يونس: ٦٣] أي يؤمنون بما يجب الإيمان به ويتقون ما يجب عليهم اتقاؤه من معاصي الله سبحانه) (٢).

وقال الدكتور إبراهيم هلال:

(وهذا المعنى الذي يدور بين الحب والقرب هو الذي أراده القرآن الكريم من كلمة ولي ومشتقاتها في كل موضع أتى بها فيه سواء في جانب أولياء الله أو في جانب أولياء أعداء الله وأعداء الشيطان) (٣).

وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لله أولياء من الناس وللشيطان أولياء ففرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان فقد قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [يونس: ٦٢ - ٦٤].

وقال تعالى: اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: ٢٥٧].

وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: ٥١].

وذكر أولياء الشيطان فقال تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ [النحل: ٩٨ - ١٠٠].

وقال تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا [النساء: ٧٦].

وقال تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران: ١٧٥].

وعلى هذا فالتقسيم الصحيح للناس في هذه الحياة الدنيا هو أنهم ينقسمون إلى قسمين لا ثالث لهما وهو أن أي أحد من الإنس أو الجن في هذه الحياة إما أن يكون وليا لله وإما أن يكون عدواً لله وليست الولاية محصورة في أشخاص معينين كما يزعم الصوفية ذلك بل ما نعتقده هو أن أي مسلم يؤمن بالله وبرسوله وينفذ أوامر الله ويجتنب نواهيه فهو ولي من أولياء الله سبحانه وتعالى.


(١) ((الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان)) (ص: ٦).
(٢) ((فتح القدير)) (٢/ ٤٥٧).
(٣) ((ولاية الله والطريق إليها)) لإبراهيم هلال (ص: ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>