للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تاسع عشر: الآثار الإيمانية لاسم الله المعطي والمانع]

أن المؤمن عندما يدرك أن الله تعالى متصف بالعطاء والمنع فإنه يقطع الأمل من المخلوقين، وينزل حوائجه بالمعطي المانع المتفرد بالعطاء والمنع فيطرح الأواسط طرحاً ويضرب عن الأسباب صفحاً، ويجعل الله هو الكل وكل موجود مع القدرة كالطل لا حكم له في الفعل، فلا يذم مانعاً بوجه ولا يمدح معطياً إلا من حيث ينظر إلى الله فيمدحه لمدح الله إياه إذ جرت بالخير يداه على ما أجراهما الله.

كما يدرك أن التأييد والإحاطة والنصر على الأعداء إنما يكون بحسب متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعندها تكون العزة والكفاية والنصرة. كما أنه بحسب متابعته تكون الهداية والنجاة، فالله سبحانه علق سعادة الدارين بمتابعته، وجعل شقاوة الدارين في مخالفته، فلأتباعه الهدى والأمن والفلاح والعزة، والكفاية والنصرة والولاية، والتأييد وطيب العيش في الدنيا والآخرة، ولمخالفيه الذلة والصغار والخوف والضلال، والخذلان والشقاء في الدنيا والآخرة (١).

ومن مقتضى الإيمان بهذين الاسمين الكريمين: أن لا يفر أحد هذين الاسمين عن الآخر وذلك تأدباً مع الله تعالى، فإن إفراد أحدهما عن الآخر يوهم نقصاً.

قال الخطابي: وفي ذكرهما معاً إنباء عن القدرة وأدل على الحكمة، كقوله تعالى: وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة: ٢٤٥]، وإذا ذكرت القابض مفرداً عن الباسط كنت كأنك قد قصرت بالصفة على المنع والحرمان، وإذا وصلت أحدهما بالآخر فقد جمعت بين الصفتين منبئاً على وجه الحكمة فيهما (٢). منهج الإمام ابن قيم الجوزية في شرح أسماء الله الحسنى لمشرف بن علي بن عبد الله الحمراني الغامدي – ص: ٤٢٢


(١) انظر: ((زاد المعاد)) (١/ ٣٧) بتصرف.
(٢) ((شأن الدعاء)) للخطابي (ص: ٥٨). وانظر: ((تفسير أسماء الله الحسنى)) للزجاج (ص: ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>