للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع: شيوع هذه البشارات قبل البعثة]

لقد كانت هذه البشارات منتشرة قبل البعثة النبوية، فلم يكن أهل الكتاب يكتمونها في ذلك الوقت، بل كانوا يذيعونها، ويزعمون أنهم سيتابعون صاحبها عندما يبعث، وقد حفظ لنا المسلمون بعض هذه البشارات، ونقل لنا الأنصار من أهل المدينة أحاديث اليهود قبل البعثة عن هذه البشارات، وقد تعرف بعض أهل الكتاب على الرسول صلى الله عليه وسلم في صغره، وانتفع بعض أهل الكتاب بهذه البشارات وآمنوا.

١ - صفة رسولنا صلى الله عليه وسلم في التوراة:

روى البخاري في صحيحه عن عطاء بن يسار، قال: ((لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص، قلت: أخبرني عن صفة رسول الله في التوراة، قال: أجل، والله إنّه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن، يَا أَيُّهَا النبي إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا [الأحزاب: ٤٥]، وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سمّيتك المتوكل، ليس بفظّ، ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق السخب: الصياح، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولا يقبضه الله حتى يقيم به الملّة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح أعينا عمياً، وآذاناً صمّاً، وقلوباً غلفاً)) (١) (١). وروى الدارمي عن عطاء عن ابن سلام ونحوه (٢) وعن كعب – وهو من علماء اليهود الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم – قال: ((نجد مكتوباً في التوراة محمد رسول الله عبدي المختار، لا فظٌّ ولا غليظ، ولا سخّاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، مولده بمكة، وهجرته بطيبة، وملكه بالشام، وأمته الحمّادون، يحمدون الله في السراء والضراء، يحمدون الله في كلّ منزلة، ويكبرونه على كل شرف، رعاة للشمس، يصلُّون الصلاة إذا جاء وقتها، يتأزرون على أنصافهم، ويتوضؤون على أطرافهم، مناديهم ينادي في جوّ السماء، صفهم في القتال، وصفهم في الصلاة سواء، لهم بالليل دويٌّ كدوي النحل)) قال التبريزي: هذا لفظ المصابيح، ورواه الدارمي مع تغيير (٣) يسير.

أين هذه البشارة في التوراة:


(١) رواه البخاري (٢١٢٥).
(٢) رواه الدارمي (١/ ١٦) (٦).
(٣) رواه الدارمي (١/ ١٧) (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>