للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- الصنع]

يوصف الله عَزَّ وجَلَّ بأنه صانعُ كلِّ شيء، وهذا ثابت بالكتاب والسنة، وليس (الصانع) من أسمائه تعالى.

الدليل من الكتاب:

قوله تعالى: صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [النمل: ٨٨].

الدليل من السنة:

حديث حذيفة رضي الله عنه مرفوعاً: ((إن الله يصنع صنع كل صانع وصنعته)) (١).

قال قَوَّام السنة الأصبهاني: ومن أسماء الله تعالى: الصانع، قال الله عَزَّ وجَلَّ: صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ، وروي عن حذيفة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عَزَّ وجَلَّ صنع كل صانع وصنعته) قيل: الصنع: الاختراع والتركيب اهـ (٢).

وقال البيهقي في (الأسماء والصفات): ومنها (أي: أسماء الله عزَّ وجلَّ): الصانع، ومعناه: المركب والمهيئ قال الله عَزَّ وجَلَّ: صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ، وقد يكون الصانع الفاعل، فيدخل فيه الاختراع والتركيب معاً اهـ.

وممَّن عدَّ (الصانع) من أسماء الله تعالى أيضاً ابن منده في (التوحيد) (٣)، وفي هذا نظرٌ كبير.

قال أبو موسى المديني: قوله: صُنْعَ اللهِ أي: قوله وفعله والصُّنْع والصَّنع والصَّنْعَةُ واحد (٤).

وقال ابن الجوزي في (زاد المسير) في تفسير آية النمل: قوله تعالى: صُنْعَ اللهِ: قال الزجاج: هو منصوب على المصدر؛ لأن قوله: وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً [النمل:٨٨]؛ دليل على الصنعة، فكأنه قال: صنع الله ذلك صنعاً، ويجوز الرفع على معنى: ذلك صنعُ الله اهـ.

قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: ٢١].

(وقال آخرون: من تأمل هذه السموات في ارتفاعها واتساعها وما فيها من الكواكب وما ذرأ في الأرض من الحيوانات المتنوعة والنبات المختلف الطعوم والأراييج والأشكال والألوان مع اتحاد طبيعة التربة والماء؛ استدل على وجود الصانع وقدرته العظيمة وحكمته ورحمته بخلقه ولطفه بهم وإحسانه إليهم وبره بهم لا إله غيره ولا رب سواه عليه توكلت وإليه أنيب؛ والآيات في القرآن الدالة على هذا المقام كثيرة جداً).

وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين كما في (الكنز الثمين) (٥) عن جواز إطلاق كلمة الصانع على الله عَزَّ وجَلَّ فقال: هذه تجوز على وجه الصفة، فنعتقد أن الله الصانع، بمعنى أنه المبدع للكون، وهو الذي صنع الكون بذاته وأبدعه، فلذلك يُكْثَرُ من إطلاقها في الكتب؛ كما ذكر ذلك ابن كثير في تفسير الآية الكريمة: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة: ٢١] وأطلق ذلك شيخ الإسلام في عدة مواضع في الجزء الثاني من مجموع الفتاوى، ونحو ذلك فإطلاق الصانع معناه: بأنه وصفٌ لله أنه مبدع للكون. صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص١٩٦


(١) رواه البخاري في ((خلق أفعال العباد)) (١١٧)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (٣٥٧و٣٥٨)، وابن منده في ((التوحيد)) (١١٥)، والحاكم في (المستدرك)، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (١/ ٧٥).وعند بعضهم بلفظ (خلق)؛ بدل (صنع). قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي، وقال ابن عساكر في ((معجم الشيوخ)) (١/ ١١٤)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (١٣/ ٤٩٨) والألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (١٦٣٧): صحيح.
(٢) ((الحجة)) (١/ ١٥٩).
(٣) (١/ ١٤٣).
(٤) ((المجموع المغيث)) (٢/ ٢٩٥).
(٥) (١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>